ترامب يصف كوريا الشمالية بأنها "قوة نووية إلى حد ما"

في تصريح لافت صدر في أواخر أبريل 2017، وصف الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب كوريا الشمالية بأنها "قوة نووية نوعًا ما"، وهو اعتراف غير رسمي بالقدرات المتقدمة لبرنامج بيونغ يانغ النووي. جاء هذا التعليق خلال مقابلة تلفزيونية، في وقت كانت فيه التوترات بين البلدين في ذروتها، ليمثل نقطة تحول في الخطاب الأمريكي التقليدي الذي كان يرفض منح أي شرعية لطموحات كوريا الشمالية النووية، ويؤكد حصرًا على ضرورة إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي بشكل كامل.

خلفية التوتر المتصاعد

شهدت الأشهر الأولى من عام 2017 تصعيدًا خطيرًا في شبه الجزيرة الكورية. فمنذ تولي إدارة ترامب السلطة، أعلنت عن نهاية سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي انتهجتها الإدارة السابقة، وبدأت في دراسة خيارات أكثر حزمًا للتعامل مع بيونغ يانغ. في المقابل، كثفت كوريا الشمالية، تحت قيادة كيم جونغ أون، من تجاربها الصاروخية الباليستية، متحدية بذلك قرارات مجلس الأمن الدولي والعقوبات الدولية المفروضة عليها. وقد أدت هذه الاستفزازات إلى زيادة الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، بما في ذلك إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسون"، مما أثار مخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية وشيكة.

تحليل التصريح الرئاسي

اعتُبر تصريح ترامب بمثابة إقرار بالواقع الميداني؛ فبحلول ذلك الوقت، كانت كوريا الشمالية قد أجرت خمس تجارب نووية ناجحة وحققت تقدمًا ملموسًا في تكنولوجيا الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية. استخدام عبارة "نوعًا ما" أو "إلى حد ما" كان دقيقًا، حيث أنه يعترف بالقدرة الحالية دون منح بيونغ يانغ صفة "الدولة النووية" الرسمية، وهو ما كان من شأنه أن يقوض معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. هذا التصريح جاء في سياق متناقض، حيث تزامن مع تصريحات أخرى لترامب أشار فيها إلى استعداده للقاء الزعيم الكوري الشمالي "في ظل الظروف المناسبة"، وهو ما أظهر ازدواجية في استراتيجيته التي كانت تمزج بين التهديد والانفتاح على الحوار.

ردود الفعل والسياسة الأمريكية

أثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة على الصعيدين الدولي والداخلي. الحلفاء الإقليميون للولايات المتحدة، مثل كوريا الجنوبية واليابان، أعربوا عن قلقهم من طبيعة الخطاب الأمريكي المتقلب، والذي تراوح بين التهديدات العسكرية الشديدة والتلميحات الدبلوماسية. أما الصين، التي كانت تتعرض لضغوط أمريكية متزايدة لكبح جماح حليفتها بيونغ يانغ، فقد وجدت نفسها أمام سياسة أمريكية يصعب التنبؤ بمسارها. داخل الولايات المتحدة، انقسم المحللون؛ فبينما رأى البعض أن الاعتراف بالواقع هو خطوة ضرورية نحو مفاوضات عملية، حذر آخرون من أن مثل هذه التصريحات قد تشجع كوريا الشمالية على التمادي في برنامجها النووي وتضعف من نظام العقوبات الدولي.

الأهمية والسياق الأوسع

تكمن أهمية هذا التصريح في كونه يمثل مؤشرًا مبكرًا على النهج غير التقليدي الذي اتبعه ترامب في السياسة الخارجية، والذي مهد الطريق لاحقًا لمفاوضات مباشرة وتاريخية مع كيم جونغ أون. على الرغم من استمرار الحرب الكلامية والتهديدات المتبادلة خلال عام 2017، إلا أن هذا الإقرار الضمني بقدرات كوريا الشمالية النووية كان بمثابة جس نبض لمدى استعداد واشنطن لتبني مقاربة مختلفة. لقد عكس هذا الموقف المعضلة التي واجهت الإدارة الأمريكية في كيفية التعامل مع دولة أصبحت تمتلك سلاحًا نوويًا بحكم الأمر الواقع، وشكل جزءًا من سلسلة المناورات الدبلوماسية التي أدت في النهاية إلى عقد أول قمة بين زعيم أمريكي وكوري شمالي في سنغافورة عام 2018.