ويتكوف وكوشنر يجتمعان مع مفرج عنهم من غزة

عقد ستيفن ويتكوف، رجل الأعمال والمطور العقاري الأمريكي البارز، وجاريد كوشنر، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، اجتماعًا خاصًا في تل أبيب يوم الاثنين الماضي مع عدد من المحتجزين الذين أفرج عنهم مؤخرًا من قطاع غزة. وجاء هذا اللقاء، الذي أعلنت عنه هيئة أهالي المحتجزين الإسرائيليين، بهدف الاستماع إلى شهادات المفرج عنهم حول تجربتهم وظروف احتجازهم، وتقديم الدعم لهم.

ويأتي هذا الاجتماع في سياق الجهود المتواصلة لفهم أبعاد الأزمة الإنسانية الناتجة عن الصراع المستمر في المنطقة، وتسليط الضوء على معاناة الأفراد الذين مروا بتجربة الأسر، وكذلك مصير المتبقين منهم. وقد أثار وجود شخصيتين بارزتين مثل ويتكوف وكوشنر في مثل هذا اللقاء اهتمامًا واسعًا، نظرًا لارتباطهما الوثيق بالدوائر السياسية والاقتصادية الأمريكية، وامتلاكهما القدرة على التأثير في الرأي العام وصناع القرار.

السياق والخلفية

تعود جذور الأزمة الحالية إلى الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023 على بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية محاذية لقطاع غزة. أسفر الهجوم عن مقتل المئات واقتياد حوالي 240 شخصًا، بينهم مدنيون وجنود، إلى داخل قطاع غزة كرهائن. وقد شكل ملف المحتجزين جانبًا مركزيًا في الصراع، مع مطالبات إسرائيلية ودولية متواصلة بالإفراج عنهم.

شهدت الأسابيع التالية للهجوم بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة في غزة، والتي تهدف، وفقًا لإسرائيل، إلى تفكيك قدرات حماس وتحرير الرهائن. وفي نوفمبر 2023، تم التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية مؤقتة بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، أدت إلى تبادل محدود للأسرى والمحتجزين. وبموجب هذا الاتفاق، أُفرج عن عشرات الرهائن الإسرائيليين والأجانب مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. غير أن عشرات المحتجزين ما زالوا في غزة، وتتواصل المفاوضات لضمان إطلاق سراحهم وسط تحديات كبيرة.

دور ويتكوف وكوشنر

يمثل كل من ستيفن ويتكوف وجاريد كوشنر شخصيتين لهما نفوذ في الولايات المتحدة. ويتكوف هو مطور عقاري وملياردير معروف، تربطه علاقات وثيقة بدوائر صناعة القرار في واشنطن وله اهتمامات في المنطقة. أما كوشنر، فقد شغل منصب مستشار الرئيس الأمريكي خلال إدارة ترامب، ولعب دورًا محوريًا في صياغة “صفقة القرن” وتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية من خلال اتفاقيات أبراهام. وقد أظهر كوشنر اهتمامًا سابقًا بالمشاريع الاقتصادية والتنموية في المنطقة.

على الرغم من أن اجتماعهما مع المفرج عنهم يبدو مبادرة شخصية أو إنسانية، إلا أن له دلالات تتجاوز ذلك. يمكن أن يكون الهدف من هذا اللقاء هو جمع معلومات مباشرة وموثوقة من شهود عيان حول أوضاع المحتجزين وظروفهم، والتي قد تُستخدم لاحقًا في جهود الضغط أو التفاوض أو حتى في مبادرات إنسانية مستقبلية. كما قد يمثل الاجتماع تعبيرًا عن التضامن ودعمًا معنويًا للمفرج عنهم ولعائلاتهم.

أهمية اللقاء وتداعياته

يكتسب هذا الاجتماع أهمية خاصة لعدة أسباب:

جمع الشهادات الحية: يتيح اللقاء فرصة فريدة للاستماع مباشرة إلى تجارب المفرج عنهم، مما يوفر رؤى قيمة حول الأوضاع الإنسانية وظروف الأسر في غزة، وهي معلومات قد تكون حاسمة لفهم الوضع بشكل أعمق.
التأثير على الرأي العام: يمكن لشخصيات ذات نفوذ مثل ويتكوف وكوشنر أن تلعب دورًا في توجيه الرأي العام، سواء في الولايات المتحدة أو على الصعيد الدولي، وتسليط الضوء على قضية المحتجزين، مما يزيد الضغط على الأطراف المعنية لتحقيق تقدم في المفاوضات.
البحث عن حلول غير رسمية: قد يمهد هذا النوع من اللقاءات الخلفية غير الرسمية الطريق أمام قنوات اتصال غير تقليدية، أو قد يسهم في بلورة أفكار أو مبادرات جديدة تهدف إلى إطلاق سراح بقية المحتجزين أو تخفيف المعاناة الإنسانية.
الدعم النفسي: يُعد اللقاء بحد ذاته بادرة دعم معنوي للمفرج عنهم، مما قد يساعدهم في عملية التعافي وإعادة الاندماج في المجتمع بعد تجربتهم الصعبة.

التطورات الأخيرة وجهود الوساطة

لا تزال الجهود الدبلوماسية مستمرة لإنهاء الصراع وضمان إطلاق سراح المحتجزين المتبقين في غزة. تقود قطر ومصر والولايات المتحدة مباحثات مع كل من إسرائيل وحماس، لكنها تواجه عقبات كبيرة تتعلق بوقف إطلاق النار الدائم، وعودة النازحين، وإدخال المساعدات. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 120 محتجزًا ما زالوا في غزة، بعضهم يُعتقد أنهم توفوا.

وتستمر المظاهرات والاحتجاجات لعائلات المحتجزين في إسرائيل، مطالبة حكومتهم ببذل المزيد من الجهود لإعادتهم. في هذا السياق، تكتسب أي مبادرة، سواء كانت رسمية أو خاصة، تسعى لجمع المعلومات أو تقديم الدعم أو المساهمة في حل الأزمة، أهمية بالغة. ويؤكد اجتماع ويتكوف وكوشنر على الدور المتعدد الأوجه الذي يمكن أن تلعبه شخصيات غير حكومية في المشهد المعقد للصراع الدائر.