كوشنر يكشف: الهجوم على قطر كان سبباً في موقف ترامب الحازم تجاه إسرائيل
كشف جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وكبير مستشاريه، في مذكراته التي حملت عنوان "Breaking History"، عن تفاصيل دبلوماسية دقيقة ربطت بين الأزمة الخليجية عام 2017 وموقف الإدارة الأمريكية تجاه إسرائيل. ووفقاً لكوشنر، فإن ما وصفه بـ "الهجوم" على قطر دفعه هو والرئيس ترامب للشعور بما يشبه "الخيانة" من قبل حلفاء لإسرائيل، مما أدى إلى تبني ترامب نهجاً أكثر حزماً في تعاملاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو.

خلفية الأزمة الدبلوماسية مع قطر
في يونيو 2017، قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وفرضت عليها حصاراً برياً وبحرياً وجوياً. استندت هذه الدول في قرارها إلى اتهامات للدوحة بدعم الإرهاب والتدخل في شؤون دول المنطقة. أحدثت هذه الأزمة انقساماً داخل إدارة ترامب نفسها؛ فبينما أبدى الرئيس ترامب في البداية دعماً لموقف الدول المقاطِعة، سعى وزيرا الخارجية والدفاع آنذاك، ريكس تيلرسون وجيمس ماتيس، إلى التهدئة والتأكيد على أهمية قطر كشريك استراتيجي يستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، قاعدة العديد.
تفاصيل "الهجوم" ومشاعر "الخيانة"
أوضح كوشنر أن "الهجوم" الذي أشار إليه لم يكن عسكرياً، بل كان عبارة عن حملة علاقات عامة وضغط سياسي مكثفة ضد قطر في واشنطن، تزامنت مع الحصار الدبلوماسي. شعر كوشنر، الذي كان يقود جهود الإدارة الأمريكية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، بأن هذه الحملة قوضت مساعيه لبناء تحالف إقليمي أوسع. وذكر في مذكراته أنه يعتقد أن شخصيات وكيانات مقربة من إسرائيل في واشنطن كانت تغذي هذا الهجوم أو تشارك فيه، وهو ما اعتبره طعنة في الظهر. جاء شعوره بـ "الخيانة" من منطلق أنه كان أحد أقوى المدافعين عن إسرائيل داخل البيت الأبيض، وكان يتوقع في المقابل تعاوناً ودعماً لخططه الإقليمية الشاملة التي تتطلب استقرار منطقة الخليج.
تداعيات الموقف على علاقة ترامب بنتنياهو
وفقاً لرواية كوشنر، فإن إحباطه من الموقف الإسرائيلي المزعوم انتقل إلى الرئيس ترامب، الذي قرر على إثره التعامل بصرامة أكبر مع نتنياهو. تجلى هذا التحول في مطالبة ترامب الصريحة لنتنياهو بالتعاون بشكل كامل مع خطط السلام الأمريكية. وأشار كوشنر إلى أن ترامب ذكّر نتنياهو بالدعم الأمريكي غير المسبوق الذي حظيت به إسرائيل في عهده، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، مؤكداً أن هذا الدعم يتطلب مرونة وتعاوناً بالمقابل، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتجنب أي خطوات أحادية قد تعرقل "صفقة القرن".
الأهمية في سياق سياسة الشرق الأوسط
تقدم هذه الرواية رؤية معمقة حول الديناميكيات الداخلية التي حكمت سياسة إدارة ترامب في الشرق الأوسط. فهي لا تكشف فقط عن مدى تأثير العلاقات الشخصية والمشاعر مثل "الخيانة" على قرارات السياسة الخارجية، بل تسلط الضوء أيضاً على التوترات الكامنة بين حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. كما تظهر كيف كانت إدارة ترامب تحاول الموازنة بين دعمها القوي لإسرائيل وجهودها لبناء علاقات استراتيجية مع الدول العربية، وهي الجهود التي توجت لاحقاً بتوقيع اتفاقيات أبراهام. ويشير تحليل كوشنر إلى أن التعامل مع هذه الخلافات الإقليمية كان جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية التي أدت في النهاية إلى تلك الاتفاقيات التاريخية.




