مأساة مشتركة تجمعه بقائد في حماس.. مبعوث أمريكي يروي تفاصيل لقاء إنساني نادر

في شهادة نادرة تسلط الضوء على الجانب الإنساني الخفي في أعقد الصراعات، كشف الدبلوماسي الأمريكي المخضرم، دينيس روس، تفاصيل لحظة تواصل غير متوقعة جمعته بالقيادي البارز في حركة حماس، خليل الحية، خلال إحدى جولات المفاوضات المتوترة. فبعيداً عن لغة السياسة والمواقف الرسمية، جمعت الرجلين مأساة مشتركة تتعلق بفقدان الأبناء، وهو ما خلق جسراً إنسانياً للحظات في خضم الانقسام العميق.

خلفية اللقاء الدبلوماسي

تعود تفاصيل القصة إلى سنوات ماضية، حين كان دينيس روس، الذي شغل منصب المبعوث الخاص للشرق الأوسط في إدارات أمريكية متعاقبة، يلعب دوراً محورياً في جهود الوساطة المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وفي سياق إحدى جولات التفاوض الصعبة، التي كانت تهدف على الأرجح إلى التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، التقى روس بوفد من حركة حماس كان من ضمنه القيادي خليل الحية. وعادة ما تتسم مثل هذه اللقاءات، إن حدثت، بالرسمية الشديدة والبرود، حيث يركز كل طرف على أجندته السياسية ومطالبه التفاوضية.

لحظة إنسانية تخترق جدار العداء

وفقاً لما رواه روس في تصريحات حديثة، فإنه قرر تجاوز البروتوكول الدبلوماسي المعتاد في بداية أحد الاجتماعات مع الحية. فبدلاً من الخوض مباشرة في القضايا السياسية، بادر روس بتقديم تعازيه الشخصية للقيادي في حماس، الذي كان قد فقد عدداً من أفراد عائلته، بينهم أبناؤه وأحفاده، في غارة إسرائيلية استهدفت منزله خلال جولة من التصعيد العسكري في عام 2014. كانت لفتة إنسانية خالصة في موقف يطبعه العداء السياسي.

المفاجأة كانت في رد فعل خليل الحية، الذي لم يكتفِ بقبول التعزية، بل بادر هو الآخر بالقول إنه على علم بالمأساة الشخصية التي مر بها الدبلوماسي الأمريكي. فقد كان الحية يعلم أن روس قد فقد ابنته بالتبني قبل ذلك. وفي تلك اللحظة، كما يصفها روس، تحول الحديث من مساره الرسمي إلى حوار شخصي بين رجلين يتشاركان تجربة الفقد الموجعة. ولبرهة من الزمن، لم يكن يجلس على الطاولة مبعوث أمريكي ومسؤول في حماس، بل أبوان يتفهمان معنى خسارة فلذة الكبد.

دلالات القصة وأهميتها

تكتسب هذه الرواية أهمية خاصة لأنها تقدم منظوراً مختلفاً لطبيعة الصراع، الذي غالباً ما يتم تصويره من خلال البيانات العسكرية والخطابات السياسية المتشددة. وتوضح القصة عدة نقاط جوهرية:

أنسنة الخصم: تبرز الحادثة كيف أن خلف المواقف السياسية المعلنة يقف أفراد لهم حياتهم الشخصية ومآسيهم، وهو ما يكسر الصورة النمطية للخصم ككيان مجرد من المشاعر الإنسانية.
قوة التعاطف المشترك: تُظهر القصة أن تجارب إنسانية عالمية، مثل الحزن على فقدان الأحباء، يمكن أن تخلق أرضية مشتركة مؤقتة حتى بين أشد الأعداء، وتفتح باباً نادراً للتواصل.
الكلفة البشرية للنزاع: تعمل هذه الشهادة بمثابة تذكير مؤلم بأن كلفة الصراعات لا تُقاس فقط بالأرقام والخسائر المادية، بل تمتد لتشمل جروحاً شخصية عميقة لدى الأفراد على جميع الأطراف.

في الختام، فإن استعادة دينيس روس لهذه الذكرى في الوقت الحالي لا يقدم حلاً سياسياً، ولكنه يضيف طبقة من العمق الإنساني على فهم واحد من أكثر النزاعات استعصاءً في العالم. إنها شهادة على أن بصيصاً من الإنسانية المشتركة يمكن أن يظهر في أحلك الظروف وأكثرها استقطاباً، حتى وإن كان ذلك للحظات عابرة.