مجلس حقوق الإنسان يعقد جلسة طارئة لبحث الوضع المتدهور في الفاشر السودانية

استجابة للمخاوف الدولية المتزايدة بشأن الكارثة الإنسانية الوشيكة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن عقد جلسة عاجلة في 17 مايو 2024. جاء هذا القرار في أعقاب تصاعد العنف الوحشي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما وضع حياة مئات الآلاف من المدنيين في خطر مباشر.

خلفية الأزمة في الفاشر

تكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية وإنسانية بالغة، فهي العاصمة التاريخية لإقليم دارفور والمدينة الكبيرة الوحيدة في الإقليم التي لم تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023. ونتيجة لذلك، أصبحت المدينة ملاذاً آمناً لمئات الآلاف من النازحين الفارين من العنف في مناطق أخرى من دارفور، مما أدى إلى تضخم عدد سكانها بشكل كبير. إلا أن هذا الوضع جعلها محوراً رئيسياً للصراع، حيث فرضت قوات الدعم السريع وحلفاؤها من الميليشيات حصاراً خانقاً عليها في محاولة للسيطرة على آخر معاقل الجيش في الإقليم.

تصاعد العنف والمخاوف الإنسانية

شهدت الأسابيع التي سبقت الدعوة للجلسة الطارئة تكثيفاً مقلقاً للقتال، حيث تعرضت الأحياء السكنية ومخيمات النازحين لقصف مدفعي وجوي عنيف، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين. وقد وثقت منظمات إنسانية وأممية هجمات مباشرة على البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفى الجنوبي، وهو المرفق الطبي الرئيسي في المدينة، مما أدى إلى خروجه عن الخدمة وتفاقم الأزمة الصحية. وأثارت التقارير حول استهداف المدنيين على أساس عرقي مخاوف جدية من تكرار فظائع الإبادة الجماعية التي شهدها إقليم دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وقد حذرت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة من أن الوضع في الفاشر ينذر بكارثة إنسانية شاملة، حيث تتزايد المخاطر يوماً بعد يوم. وتتضمن أبرز هذه المخاوف:

خطر الإبادة الجماعية: تحذيرات من أن القتال قد يتخذ طابعاً عرقياً، مما يعرض مجموعات سكانية معينة لخطر القتل الجماعي.
انهيار النظام الصحي: استهداف المستشفيات والمرافق الطبية يعيق القدرة على علاج الجرحى والمرضى.
المجاعة: الحصار المفروض على المدينة يمنع وصول المساعدات الإنسانية الحيوية، بما في ذلك الغذاء والدواء، مما يهدد بانتشار المجاعة.
نزوح جماعي جديد: عدم وجود طرق آمنة للمدنيين للفرار من المدينة يعرضهم لخطر الموت والبقاء محاصرين وسط القتال.

تفاصيل الجلسة الأممية العاجلة

جاءت الدعوة لعقد الجلسة الطارئة بناءً على طلب رسمي قدمته المملكة المتحدة نيابة عن مجموعة من الدول، بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في الفاشر. هدفت الجلسة إلى حشد استجابة دولية عاجلة للضغط على الأطراف المتحاربة لوقف الهجوم على المدينة، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. كما سعت الجلسة إلى التأكيد على ضرورة مساءلة مرتكبي الجرائم والانتهاكات لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

ردود الفعل الدولية والتداعيات المحتملة

عبر مسؤولون أمميون رفيعو المستوى، بمن فيهم المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، عن قلقهم العميق إزاء الوضع، واصفين الهجمات على الفاشر بأنها "مروعة". ودعت العديد من الحكومات والمنظمات الدولية إلى وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الحصار. وتكمن أهمية هذه الجلسة في أنها تمثل محاولة دبلوماسية رفيعة المستوى لمنع وقوع مذبحة واسعة النطاق، وتذكير الأطراف المتحاربة بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويأمل المجتمع الدولي أن يؤدي هذا الضغط إلى فتح ممرات إنسانية وتجنيب المدنيين المحاصرين مصيراً مأساوياً.