محكمة مصرية تقضي بإيداع التيك توكر "سوزي الأردنية" إحدى دور الرعاية

أصدرت محكمة الجنح الاقتصادية في القاهرة، في وقت سابق من شهر مايو 2024، حكمها في القضية التي أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، والمتهمة فيها صانعة المحتوى القاصر سوزي أيمن، المعروفة بلقب "سوزي الأردنية". قضت المحكمة بإيداعها إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وذلك بعد إدانتها بتهم تتعلق بانتهاك قيم ومبادئ الأسرة المصرية وبث مقاطع فيديو اعتُبرت خادشة للحياء العام.

خلفية القضية وتفاصيل الاتهامات

بدأت القصة عندما لفتت سوزي أيمن، وهي فتاة قاصر، الانتباه عبر تطبيق "تيك توك" من خلال بثوث مباشرة تضمنت مشادات كلامية حادة مع والدها. تصاعدت شهرتها بشكل كبير بعد انتشار مقطع فيديو محدد ظهرت فيه وهي تتوعد والدها بكشف أسرار عائلية وتستخدم عبارات وُصفت بأنها غير لائقة، مما أدى إلى تحول إحدى عباراتها إلى "تريند" واسع الانتشار. هذه المقاطع دفعت عدداً من المحامين إلى تقديم بلاغات ضدها للنيابة العامة، متهمين إياها بنشر محتوى يتعارض مع الآداب العامة والقيم الأسرية للمجتمع المصري.

بناءً على هذه البلاغات، تحركت الأجهزة الأمنية وألقت القبض عليها. وجهت لها النيابة العامة اتهامات رسمية استنادًا إلى القانون رقم 175 لسنة 2018 الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات. شملت الاتهامات ما يلي:

انتهاك حرمة الحياة الخاصة والتعدي على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري.
إنشاء وإدارة حساب خاص على شبكة المعلومات بهدف ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا.
نشر مقاطع فيديو وصور خادشة للحياء العام.

مسار المحاكمة والقرار القضائي

نُظرت القضية أمام محكمة الجنح الاقتصادية، وهي المحكمة المختصة بالنظر في جرائم الإنترنت والجرائم المتعلقة بتقنية المعلومات. ونظرًا لكون المتهمة قاصرًا، جرت المحاكمة وفقًا للإجراءات القانونية الخاصة بالأحداث. دافع فريق الدفاع عن سوزي بأنها كانت ضحية لخلافات أسرية وأن والدها كان يستغلها لتحقيق الشهرة والمكاسب المادية، وأنها لم تكن تدرك عواقب أفعالها بشكل كامل.

في 4 مايو 2024، أصدرت المحكمة قرارها النهائي في القضية، حيث قضت بإلغاء الحكم الصادر سابقًا بحبسها، واستبدلته بإيداعها إحدى دور الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي. كما تضمن الحكم مصادرة هاتفها المحمول وإغلاق حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي التي استخدمت في ارتكاب المخالفات.

السياق الأوسع وتداعيات الحكم

يأتي هذا الحكم في سياق حملة مستمرة في مصر لمواجهة ما تعتبره السلطات "محتوى غير لائق" على الإنترنت، حيث شهدت السنوات الأخيرة محاكمة العديد من مشاهير ومؤثري وسائل التواصل الاجتماعي بتهم مماثلة. وتثير هذه القضايا جدلاً مستمراً حول حدود حرية التعبير على المنصات الرقمية مقابل الحفاظ على القيم المجتمعية التي يكرسها القانون.

تكتسب قضية سوزي الأردنية أهمية خاصة لكونها تتعلق بمتهمة قاصر، مما يسلط الضوء على تحديات حماية الأطفال والمراهقين في العصر الرقمي، ومسؤولية الأسرة والمجتمع في توجيه استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي. كما يعكس الحكم توجهاً قضائياً يميل إلى تطبيق تدابير إصلاحية وتأهيلية بدلاً من العقوبات السالبة للحرية في قضايا الأحداث، بما يتماشى مع فلسفة قانون الطفل.