تحذيرات من إغراق غزة بمخلفات الجيش الإسرائيلي خشية استغلال حماس لها

تزايدت في الفترة الأخيرة التحذيرات الصادرة عن منظمات دولية وخبراء بيئيين وأمنيين بخصوص حجم وخطورة المخلفات الحربية والمدنية المتراكمة في قطاع غزة، خاصة بعد العمليات العسكرية الأخيرة. تركز هذه التحذيرات بشكل خاص على المخاوف من أن تتحول هذه المخلفات، التي تشمل ركام المباني المتضررة ومعدات عسكرية تالفة ومواد خطرة، إلى مورد يمكن لحركة حماس استغلاله لأغراضها العسكرية، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني المتردي بالفعل في القطاع المحاصر.

خلفية الأزمة البيئية والأمنية في غزة

يواجه قطاع غزة، الذي يُعد من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، أزمة بيئية وإنسانية حادة تفاقمت بفعل الصراعات المتتالية والحصار المستمر. قبل العمليات العسكرية الأخيرة، كانت البنية التحتية لقطاع غزة تعاني من نقص شديد في القدرة على معالجة النفايات الصلبة والخطرة. ومع الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع في الأشهر الماضية، تُقدر كميات الركام والنفايات بالملايين من الأطنان، وتشمل مواد بناء محطمة، وأجزاء من الأسلحة والمتفجرات غير المنفجرة (UXO)، ومواد كيميائية قد تكون سامة، بالإضافة إلى مخلفات عسكرية إسرائيلية قد تُترك في مناطق العمليات.

الدمار الهائل: خلفت العمليات العسكرية واسعة النطاق دمارًا غير مسبوق للمنازل والبنية التحتية، مما أنتج كميات ضخمة من الأنقاض والمخلفات.
نقص البنية التحتية: تعاني غزة من غياب كامل تقريبًا للبنية التحتية اللازمة لإدارة النفايات ومعالجة المواد الخطرة، مما يجعل تراكم هذه المخلفات كارثة بيئية وشيكة.
التلوث البيئي: تشكل هذه المخلفات تهديدًا خطيرًا للمياه الجوفية والتربة، وقد تؤدي إلى تفشي الأمراض بين السكان نتيجة للتلوث.

المخاوف الرئيسية من استغلال حماس للمخلفات

تتركز التحذيرات بشكل كبير على إمكانية استغلال حركة حماس للمخلفات الحربية والمدنية المتراكمة في غزة لأغراض عسكرية، وهو ما قد يؤدي إلى دورة جديدة من العنف ويزيد من تقويض أي جهود لإعادة الإعمار أو الاستقرار في المستقبل. تشمل أوجه الاستغلال المحتملة:

صناعة الأسلحة: يمكن استخدام المعادن المستخرجة من ركام المباني أو مخلفات المركبات العسكرية التالفة في صناعة الصواريخ المحلية الصنع أو قذائف الهاون. الأنابيب المعدنية، على سبيل المثال، يمكن إعادة تدويرها لتصبح مكونات أساسية لهذه الأسلحة.
المواد المتفجرة: تشكل المتفجرات غير المنفجرة، أو ما يُعرف بـ UXO، خطرًا مزدوجًا. فهي تهدد حياة المدنيين وتوفر في الوقت نفسه مصدرًا للمواد المتفجرة التي يمكن لحماس إعادة تجميعها أو استخدامها في عبوات ناسفة.
المكونات الإلكترونية: قد تحتوي بعض المخلفات العسكرية أو المدنية على مكونات إلكترونية دقيقة يمكن إعادة استخدامها في أنظمة توجيه أو تشغيل لأسلحة بدائية الصنع.
المخابئ والتحصينات: يمكن استخدام الأنقاض الكبيرة والمواد الإنشائية في تعزيز المخابئ والأنفاق تحت الأرض أو بناء تحصينات جديدة.

التداعيات الإنسانية والأمنية والبيئية

إن إغراق غزة بهذه المخلفات، واستغلالها المحتمل من قبل حماس، له تداعيات وخيمة على مستويات متعددة. من الناحية الإنسانية، يعيش سكان غزة بالفعل في ظروف صعبة للغاية، وتراكم النفايات يزيد من خطر الأمراض والأوبئة. بيئيًا، يؤدي التلوث إلى تدهور نوعية الحياة ويهدد الموارد الطبيعية الشحيحة. أمنيًا، فإن استغلال هذه المخلفات يعزز قدرة حماس على مواصلة عملياتها العسكرية، مما يقوض جهود نزع السلاح ويجعل مستقبل أي تسوية سياسية أكثر صعوبة.

الدعوات الدولية والإجراءات المطلوبة

دعت العديد من الجهات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة، إلى ضرورة وضع خطة عاجلة لإزالة المخلفات من غزة، مع التركيز على أهمية ضمان عدم استغلال هذه المواد لأغراض عسكرية. تتطلب هذه العملية تعاونًا دوليًا واسع النطاق وتنسيقًا بين جميع الأطراف، بما في ذلك السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، لتسهيل وصول المعدات والخبرات اللازمة. كما شددت التحذيرات على أهمية فرز المخلفات بعناية والتخلص الآمن من المواد الخطرة والمتفجرات لتقليل المخاطر على المدنيين ومنع وصولها إلى الأيدي الخاطئة.

في ظل هذه التحذيرات، يظل الوضع في غزة تحديًا معقدًا يتطلب مقاربة شاملة تعالج الجوانب الإنسانية والبيئية والأمنية بشكل متكامل لضمان مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا لسكان القطاع.