شهدت الأوساط الرياضية السعودية في مطلع شهر يوليو 2024 الإعلان عن تولي المدرب البرتغالي المخضرم سيرجيو كونسيساو زمام القيادة الفنية لفريق اتحاد جدة، بطل الدوري السعودي للمحترفين سابقًا. يأتي هذا التعيين ليضع كونسيساو في خانة المدرب البرتغالي الرابع الذي يتولى تدريب «العميد» منذ انطلاق عصر دوري المحترفين السعودي في موسم 2008-2009، في تأكيد على الثقة المستمرة التي توليها الأندية السعودية للمدرسة التدريبية البرتغالية. ويشكل هذا التوجه استمرارًا لتقليد شهد نجاحات ملحوظة لمدربين برتغاليين في المنطقة، وإن لم يكن أبرزهم المدرب الأسطوري مانويل جوزيه قد قاد الاتحاد بصفة مباشرة، إلا أن اسمه يبقى رمزًا لنجاحات المدربين البرتغاليين في كرة القدم العربية.

الخلفية التاريخية للمدربين البرتغاليين في الاتحاد

تاريخ اتحاد جدة مع المدربين البرتغاليين ليس وليد اللحظة، فقد تعاقب على قيادة الفريق ثلاثة مدربين برتغاليين قبيل وصول سيرجيو كونسيساو، كل منهم ترك بصمته الخاصة، وإن تفاوتت مدة إقامتهم ونجاحاتهم. هذه التجارب المتراكمة تعكس توجهًا استراتيجيًا للإدارة نحو الاعتماد على الخبرات البرتغالية التي غالبًا ما تُعرف بصرامتها التكتيكية وقدرتها على التعامل مع الضغوط العالية.

ريكاردو لاسا (2018): تولى لاسا مهمة تدريب الفريق بشكل مؤقت في عام 2018، حيث قاد الفريق في فترة قصيرة، وكان تركيزه الأساسي على محاولة تحقيق الاستقرار في مرحلة صعبة، وشكلت تجربته نقطة في تاريخ النادي مع المدربين البرتغاليين.
بيدرو إيمانويل (2021): قاد إيمانويل الفريق في فترة وجيزة عام 2021، وحاول خلالها فرض أسلوب لعبه، إلا أن النتائج لم تكن دائمًا في صالحه مما أدى إلى رحيله بعد فترة قصيرة نسبيًا، مما يؤكد أن التحديات في الدوري السعودي تتطلب تكيّفًا سريعًا.
نونو إسبيريتو سانتو (2022-2023): يُعد نونو إسبيريتو سانتو التجربة الأبرز والأكثر نجاحًا للمدربين البرتغاليين مع اتحاد جدة في الآونة الأخيرة. فقد قاد الفريق لتحقيق لقب الدوري السعودي للمحترفين في موسم 2022-2023 بعد غياب دام طويلًا، مقدمًا أداءً قويًا ومنظمًا. نجاحه رسخ فكرة أن المدرب البرتغالي قادر على تحقيق الإنجازات الكبرى مع النادي، مما زاد من الإقبال على المدرسة البرتغالية.

نبذة عن سيرجيو كونسيساو

يأتي سيرجيو كونسيساو إلى جدة محملًا بسيرة ذاتية ثقيلة وخبرة أوروبية واسعة، لا سيما مع نادي بورتو البرتغالي الذي قاده لسنوات طويلة. كلاعب، كان كونسيساو جناحًا مهاريًا مثل منتخب البرتغال وعدة أندية أوروبية كبيرة. أما كمدرب، فقد صنع لنفسه اسمًا كمدرب يمتلك شخصية قوية وفكرًا تكتيكيًا مميزًا، يعتمد على الانضباط الدفاعي والفعالية الهجومية. خلال فترة تدريبه لبورتو، نجح في تحقيق عدة ألقاب للدوري والكأس البرتغالي، وترك بصمة واضحة على أداء الفريق الأوروبي. هذه الخلفية الغنية تجعله خيارًا واعدًا لاتحاد جدة الذي يبحث عن مواصلة المنافسة على الألقاب المحلية والقارية.

التطلعات والتحديات أمام كونسيساو

يتولى كونسيساو مهمة تدريب اتحاد جدة في فترة حساسة تشهد فيها الكرة السعودية طفرة غير مسبوقة، مع استقطاب كبار نجوم كرة القدم العالمية والمدربين المرموقين. يمتلك الاتحاد قائمة لاعبين تضم أسماء عالمية بارزة مثل كريم بنزيما، نجولو كانتي، وفابينيو، مما يضع سقف التوقعات عالياً جدًا. التحدي الأول سيكون في تحقيق الانسجام بين هؤلاء النجوم وتقديم أداء يعكس الإمكانيات الكبيرة للفريق.

على الصعيد المحلي، سيواجه كونسيساو منافسة شرسة من أندية أخرى تعززت بصفقات قوية وتطمح للفوز بلقب الدوري السعودي. أما على الصعيد القاري، فإن المشاركة في دوري أبطال آسيا تمثل هدفًا رئيسيًا للنادي، حيث يسعى الاتحاد لاستعادة أمجاده الآسيوية. يتطلب ذلك من المدرب بناء فريق قوي قادر على المنافسة على جبهات متعددة، مع الحفاظ على المستوى البدني والذهني للاعبين طوال الموسم الطويل والشاق.

أهمية القرار وتأثيره المحتمل

يعكس تعيين سيرجيو كونسيساو ثقة إدارة اتحاد جدة في المدرسة التدريبية البرتغالية وقدرتها على تحقيق الإنجازات. فبفضل نجاحات مدربين أمثال نونو إسبيريتو سانتو، أصبحت الخبرة البرتغالية مفضلة لدى العديد من الأندية السعودية. هذا التعيين ليس مجرد إضافة لمدرب جديد، بل هو استثمار في فكر كروي معين يراه النادي قادرًا على قيادته نحو منصات التتويج من جديد.

يتوقع أن يحدث كونسيساو تغييرات تكتيكية وفنية في أسلوب لعب الاتحاد، مستفيدًا من خبرته في التعامل مع الضغوطات الكبيرة والنجوم العالميين. ستكون عينه على الأداء في الدوري المحلي وبطولة كأس الملك، بالإضافة إلى الاستحقاق الآسيوي. نجاحه سيكون له تأثير كبير ليس فقط على اتحاد جدة، بل على نظرة الأندية السعودية بشكل عام للمدرسة البرتغالية في ظل المنافسة المحتدمة التي تشهدها المنطقة، ويأمل أن يكون مساره امتدادًا لسلسلة نجاحات المدربين البرتغاليين في الملاعب السعودية.