دور ميريام أديلسون في قرار ترمب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان

في عالم السياسة الأمريكية والعلاقات الدولية، غالباً ما تعمل شخصيات مؤثرة بعيداً عن الأضواء، لكن بصماتها تكون واضحة في قرارات تاريخية. تعد الطبيبة والمليارديرة الإسرائيلية الأمريكية، ميريام أديلسون، واحدة من أبرز هذه الشخصيات، حيث ارتبط اسمها وزوجها الراحل، شيلدون أديلسون، بدور محوري في أحد أبرز تحولات السياسة الخارجية لإدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، وهو الاعتراف الرسمي بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان في عام 2019.

من هي ميريام أديلسون؟

وُلدت ميريام فاربشتاين في تل أبيب عام 1945، ودرست الطب في جامعة تل أبيب وتخصصت في الطب الباطني ومكافحة الإدمان. في عام 1991، تزوجت من قطب الكازينوهات الأمريكي شيلدون أديلسون، وأصبحت مواطنة أمريكية. أسس الزوجان معاً إمبراطورية اقتصادية ضخمة، لكن نفوذهما الحقيقي تجلى في المجالين السياسي والخيري. عُرف عنهما أنهما من أكبر المانحين للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة ومنظمات اللوبي المؤيدة لإسرائيل، مما منحهما صوتاً مسموعاً في أروقة صنع القرار في واشنطن.

النفوذ السياسي لعائلة أديلسون

اعتمدت عائلة أديلسون على ثروتها الهائلة لتعزيز أجندتها السياسية التي تركزت بشكل أساسي على دعم إسرائيل وسياساتها اليمينية. خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، كان الزوجان من أكبر الداعمين الماليين لدونالد ترمب، حيث قدما عشرات الملايين من الدولارات لدعم حملته واللجان السياسية المرتبطة به. هذا الدعم المالي الكبير منحهما وصولاً مباشراً وغير مسبوق للرئيس ترمب ومستشاريه، مما سمح لهما بالضغط لتحقيق أهداف رئيسية، كان أبرزها:

نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.

وقد تحققت جميع هذه الأهداف خلال فترة ولاية ترمب، وهو ما يرجع الفضل فيه بشكل كبير، حسب العديد من المصادر والتقارير، إلى جهود وضغوط عائلة أديلسون المستمرة.

تفاصيل الضغط للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان

في مارس 2019، أعلن الرئيس دونالد ترمب عبر تغريدة، ثم من خلال توقيع إعلان رئاسي رسمي، أن الولايات المتحدة تعترف بسيادة إسرائيل الكاملة على مرتفعات الجولان. كان هذا القرار بمثابة تحول جذري في السياسة الأمريكية التي استمرت لعقود، والتي كانت تعتبر الجولان أرضاً سورية محتلة. كشفت تقارير صحفية وشهادات من مسؤولين سابقين في الإدارة الأمريكية أن ميريام وزوجها كانا القوة الدافعة وراء هذا القرار. فقد استغلا علاقتهما الوثيقة بترمب لإثارة القضية بشكل متكرر في اجتماعات خاصة ومكالمات هاتفية، مؤكدين على الأهمية الاستراتيجية والأمنية للجولان بالنسبة لإسرائيل. وقد ذكر مسؤولون سابقون أن ميريام أديلسون أهدت الرئيس ترمب خريطة خاصة للجولان للتأكيد على أهميتها، مما ترك أثراً كبيراً لديه وساهم في تسريع اتخاذ القرار.

الأهمية والسياق التاريخي للقرار

تحتل مرتفعات الجولان موقعاً استراتيجياً مهماً، حيث تطل على أجزاء من إسرائيل وسوريا ولبنان والأردن. استولت إسرائيل على هذه المنطقة من سوريا خلال حرب عام 1967 وضمتها رسمياً في عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي آنذاك. ظل الموقف الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، يعتبر الجولان أرضاً محتلة بموجب القانون الدولي. لذلك، جاء قرار إدارة ترمب ليمثل قطيعة مع الإجماع الدولي ويمنح دعماً دبلوماسياً كبيراً لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو، الذي كان حليفاً مقرباً لعائلة أديلسون. وقد قوبل القرار بإدانة واسعة من الدول العربية والعديد من القوى العالمية، التي اعتبرته انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.

استمرار النفوذ بعد وفاة شيلدون أديلسون

بعد وفاة زوجها شيلدون في يناير 2021، ورثت ميريام أديلسون ثروته الهائلة وسيطرته على إمبراطورية "لاس فيغاس ساندز"، بالإضافة إلى صحيفة "إسرائيل هيوم" واسعة الانتشار في إسرائيل. لم يتراجع نفوذها السياسي، بل واصلت دورها كواحدة من أبرز المانحين في السياسة الأمريكية، حيث استمرت في دعم المرشحين الجمهوريين الذين يتبنون مواقف داعمة بقوة لإسرائيل. وبذلك، تظل ميريام أديلسون شخصية رئيسية في تشكيل السياسة الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط، ويُعد دورها في قضية الجولان مثالاً واضحاً على كيفية تأثير الأفراد من خارج الهياكل الحكومية الرسمية على قرارات جيوسياسية بالغة الأهمية.