إخلاء سبيل الداعية مصطفى العدوي بكفالة بعد التحقيق معه

قررت النيابة العامة في مصر، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء 28 مايو 2024، إخلاء سبيل الداعية السلفي المعروف الشيخ مصطفى العدوي، وذلك بعد ساعات من التحقيق معه بشأن مقطع فيديو أثار جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي. وقد تم تحديد كفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه مصري لإتمام إجراءات الإفراج عنه من مقر احتجازه.

تفاصيل الواقعة وأسباب التحقيق

بدأت الأزمة عندما انتشر مقطع فيديو للشيخ العدوي يجيب فيه على سؤال حول حكم حضور الزوج لولادة زوجته في وجود طبيب رجل. حيث أفتى بجواز ذلك لمنع ما وصفه بـ"الخلوة المحرمة" بين الزوجة والطبيب. وقد أثارت هذه الفتوى موجة عارمة من الجدل والانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها الكثيرون فتوى غريبة ومنفصلة عن الواقع، كما رأى فيها البعض تقليلاً من شأن الأطباء وقدسية مهنة الطب.

على إثر الضجة التي أحدثها الفيديو، تحركت الأجهزة الأمنية المصرية وقامت باحتجاز الشيخ مصطفى العدوي من منزله للتحقيق معه. ووجهت له النيابة أسئلة حول مضمون الفيديو، والهدف من نشر هذه الفتوى، ومدى إدراكه للتداعيات الاجتماعية التي قد تترتب عليها، حيث اعتبرت السلطات أن مثل هذه الفتاوى قد تسبب بلبلة في الرأي العام وتزعزع الاستقرار المجتمعي.

خلفية القضية وسياقها

يُعد الشيخ مصطفى العدوي واحداً من أبرز وجوه التيار السلفي في مصر، وله قاعدة جماهيرية واسعة تتابعه عبر قنواته ومؤلفاته. وتأتي هذه الواقعة في سياق أوسع لجهود الدولة المصرية في تنظيم الخطاب الديني وتقنين الفتوى، وحصرها في المؤسسات الدينية الرسمية مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، وذلك بهدف منع انتشار الفتاوى المتشددة أو التي توصف بـ"الشاذة" والتي قد تؤثر سلباً على النسيج المجتمعي.

كما تسلط القضية الضوء على الدور المتنامي لمنصات التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام وقدرتها على تحويل القضايا الدينية والاجتماعية إلى قضايا رأي عام تتطلب تدخلاً من السلطات. فسرعة انتشار الفيديو وحجم التفاعل معه كانا عاملين أساسيين في وصول القضية إلى ساحات التحقيق.

قرار إخلاء السبيل وردود الفعل

بعد انتهاء جلسة التحقيق، أصدرت النيابة قرارها بإخلاء سبيل الشيخ العدوي بكفالة مالية، وهو ما تم بالفعل، حيث أكدت مصادر مقربة من أسرته عودته إلى منزله. وقد تباينت ردود الفعل على قرار الإفراج بين مختلف الأوساط.

رحّب أنصار ومتابعو الشيخ بالقرار، معتبرين أن الفتوى التي أصدرها تمثل رأياً فقهياً له أصل في التراث، وأن الجدل الذي أثير حولها كان مبالغاً فيه أو أن كلامه أُخرج من سياقه.
في المقابل، استمر بعض المنتقدين في رفضهم لمضمون الفتوى، لكنهم رأوا أن الإجراء القانوني قد اتخذ مساره الطبيعي، مؤكدين على أهمية وجود ضوابط للفتوى العامة.
بينما نظر مراقبون وحقوقيون إلى القضية كنموذج للعلاقة المعقدة بين حرية التعبير في الشؤون الدينية، ومسؤولية الدولة في الحفاظ على النظام العام ومنع الخطابات التي قد تثير الفتنة.

الأهمية والتداعيات المحتملة

تكتسب هذه القضية أهميتها من كونها تعكس حساسية الدولة المصرية تجاه أي خطاب ديني غير رسمي قد يمس ثوابت المجتمع أو يثير جدلاً واسعاً. كما أنها تشير إلى أن الشخصيات الدينية العامة، حتى تلك التي تحظى بشعبية كبيرة، ليست بمنأى عن المساءلة القانونية إذا ما اعتبرت آراؤها مهددة للسلم الاجتماعي.

وعلى الرغم من إخلاء سبيل الشيخ مصطفى العدوي، إلا أن القضية قد تترك أثراً على المشهد الدعوي في مصر، حيث قد تدفع الكثير من الدعاة المستقلين إلى توخي المزيد من الحذر في فتاواهم وآرائهم المعلنة، مما يعزز من سلطة المؤسسات الدينية الرسمية باعتبارها المرجعية الوحيدة المعتمدة للفتوى في البلاد.