إسرائيل تدرس فرض عقوبات على حماس وتجميد محادثات الأسرى

أفادت تقارير إعلامية في الأيام الأخيرة بأن الدوائر السياسية والأمنية في إسرائيل تدرس مجموعة من الإجراءات التصعيدية ضد حركة حماس، في محاولة للضغط عليها في ملف مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. وتأتي هذه التطورات في ظل الجمود الذي يسيطر على المحادثات التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة، وبعد أن اعتبرت تل أبيب رد حماس على المقترح الأخير بمثابة رفض.

خلفية المفاوضات المتعثرة

منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، تبذل جهود دولية حثيثة للتوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ورغم جولات متعددة من المباحثات غير المباشرة، ظلت الفجوة واسعة بين الطرفين. يتمثل الخلاف الجوهري في أن حماس تطالب بضمانات واضحة لوقف دائم للحرب وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تصر على استمرار حملتها العسكرية حتى تحقيق أهدافها المعلنة، وعلى رأسها القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية.

المقترح الأخير الذي كشف عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووصفه بأنه إسرائيلي، قُوبل برد من حماس تضمن تعديلات. وبينما اعتبرت واشنطن أن بعض التعديلات قابلة للتطبيق، وصفتها إسرائيل بأنها ترقى إلى مستوى الرفض التام، مما أعاد المفاوضات إلى نقطة الصفر.

إسرائيل تدرس خيارات بديلة

في ضوء هذا الجمود، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث عن مسارات ضغط بديلة لإجبار حماس على التراجع عن شروطها. وتشمل هذه الخيارات المقترحة عدة محاور رئيسية:

فرض عقوبات جديدة: تدرس تل أبيب فرض حزمة عقوبات اقتصادية وسياسية تستهدف الحركة وقياداتها، قد تشمل تضييق الخناق على مصادر تمويلها الخارجية وملاحقة أصولها المالية في الخارج بالتعاون مع حلفاء دوليين.
تجميد المفاوضات رسميًا: يناقش المسؤولون إمكانية إعلان تجميد المحادثات بشكل رسمي لفترة، كرسالة مفادها أن إسرائيل لن تستمر في التفاوض في ظل ما تعتبره "مماطلة" من جانب حماس.
تكثيف الضغط العسكري: يرى الجناح المتشدد في الحكومة الإسرائيلية أن زيادة وتيرة العمليات العسكرية في غزة، وخصوصًا في منطقة رفح، هي الوسيلة الأكثر فعالية لإجبار الحركة على قبول صفقة بشروط إسرائيلية.

الدوافع وراء الموقف الإسرائيلي

يعكس هذا التوجه حالة من الانقسام العميق داخل المشهد السياسي الإسرائيلي. فمن ناحية، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا هائلة من شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، الذين يهددون بإسقاط الحكومة إذا وافق على صفقة تتضمن وقفًا دائمًا للحرب. ومن ناحية أخرى، يتصاعد ضغط الشارع وعائلات الأسرى الذين يطالبون الحكومة بإبداء مرونة أكبر والتوصل إلى اتفاق يعيد أبناءهم بأي ثمن.

لذلك، يمكن تفسير التلويح بفرض عقوبات وتجميد المفاوضات على أنه محاولة من الحكومة الإسرائيلية لإظهار موقف حازم أمام الداخل الإسرائيلي، وفي نفس الوقت ممارسة ضغط نفسي على حركة حماس ووسطاء المفاوضات.

التداعيات المحتملة

إن تبني إسرائيل لمثل هذه الإجراءات قد يعقد المشهد بشكل أكبر. فتجميد المفاوضات رسميًا من شأنه أن يطيل أمد الحرب ويزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. كما أن الاعتماد على الخيار العسكري فقط قد يعرض حياة الأسرى المتبقين للخطر، وهو ما تحذر منه عائلاتهم باستمرار. على الصعيد الدولي، قد تزيد هذه الخطوات من عزلة إسرائيل وتصاعد الانتقادات الموجهة لسياستها في إدارة الحرب والمفاوضات، خاصة من قبل حلفائها الأقربين الذين يدفعون بقوة نحو حل دبلوماسي.