قمة مصرية إريترية بالقاهرة تتناول ملفات إقليمية حيوية

في إطار التشاور المستمر والتنسيق المشترك حول التحديات الإقليمية المتصاعدة، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة نظيره الإريتري أسياس أفورقي في زيارة رسمية جرت في أوائل عام 2024. ركزت المباحثات الثنائية بشكل مكثف على عدد من القضايا الاستراتيجية التي تؤثر بشكل مباشر على أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، بالإضافة إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

محاور النقاش الرئيسية

هيمنت على القمة أربعة ملفات رئيسية تعكس المخاوف والمصالح المشتركة لكل من القاهرة وأسمرة، وتبرز عمق التقارب في وجهات النظر تجاه التطورات الراهنة في المنطقة. تمثلت هذه الملفات في الآتي:

أمن البحر الأحمر وتطورات القرن الأفريقي: شكل هذا الملف الأولوية القصوى في المباحثات، خاصة في ظل التوترات المتزايدة التي تهدد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، والتي تؤثر بشكل مباشر على حركة التجارة في قناة السويس. كما ناقش الزعيمان التداعيات المترتبة على مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال الانفصالي، حيث أكد الجانبان على رفضهما لأي إجراءات أحادية من شأنها زعزعة استقرار المنطقة وانتهاك سيادة الدول، وتحديداً الصومال.
الأزمة السودانية وتداعياتها: باعتبارهما دول جوار مباشر للسودان، بحث السيسي وأفورقي سبل تنسيق الجهود لاحتواء الأزمة السودانية المستمرة. وشدد الطرفان على ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة السودانية ومؤسساتها، وعبّرا عن قلقهما من التداعيات الإنسانية والأمنية للنزاع، مؤكدين على أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار وحل سياسي شامل ينهي الصراع.
دعم سيادة الصومال: جاء الموقف المصري والإريتري متطابقاً في التأكيد على الدعم الكامل لسيادة الصومال ووحدة أراضيه. واعتبر الزعيمان أن أي اتفاقات تعقد مع أقاليم انفصالية دون موافقة الحكومة الفيدرالية في مقديشو تعد انتهاكاً للقانون الدولي وتهديداً للسلم الإقليمي.
العلاقات الثنائية: إلى جانب القضايا الإقليمية، تطرقت المحادثات إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي بين مصر وإريتريا في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة والاستثمار والبنية التحتية، بما يخدم مصالح الشعبين ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

أهمية الزيارة وسياقها الاستراتيجي

تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة نظراً لتوقيتها الذي يتزامن مع تصاعد التنافس الجيوسياسي وتعدد الأزمات في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر. وتعكس القمة وجود توافق مصري إريتري على ضرورة تشكيل رؤية موحدة لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن الإقليمي. وتنظر القاهرة إلى أسمرة كشريك محوري في تأمين المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وهو شريان حيوي للاقتصاد المصري والعالمي. في المقابل، تعتبر إريتريا مصر حليفاً استراتيجياً وداعماً رئيسياً لها على الساحتين العربية والأفريقية.

خلفية العلاقات

تأتي هذه القمة ضمن سلسلة من اللقاءات الدورية والزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، مما يعكس وجود علاقات تاريخية واستراتيجية راسخة. وتستند هذه العلاقات إلى فهم مشترك للمخاطر والفرص في المنطقة، بالإضافة إلى الرغبة في تنسيق المواقف السياسية والأمنية لضمان تحقيق الاستقرار ومواجهة التدخلات الخارجية التي تهدف إلى تغيير موازين القوى الإقليمية.