تيك توك تعلن عن مزايا جديدة لمنشئي المحتوى: نظام اشتراكات بنسبة 90% وأدوات للنمو

في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز منظومة صناعة المحتوى على منصتها، أعلنت شركة تيك توك في مايو 2022 عن مجموعة من الإضافات والأدوات الجديدة المخصصة لمنشئي المحتوى. جاء هذا الإعلان عقب قمة خاصة للمبدعين، وسلط الضوء على التزام المنصة بتمكين صناع المحتوى من تحقيق الدخل وتوسيع نطاق وصولهم، وذلك في خضم المنافسة المتزايدة على المواهب الإبداعية. تتركز أبرز هذه المزايا حول تحسين فرص الكسب المالي وتعزيز أدوات الترويج والتحليل لتمكين المبدعين من تحقيق أقصى استفادة من جهودهم.

الخلفية والتحديات التنافسية

شهدت تيك توك نموًا هائلاً لتصبح واحدة من أبرز منصات التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو القصيرة في العالم. ومع ذلك، واجهت المنصة تحديات في الحفاظ على منشئي المحتوى الأكثر تأثيرًا، الذين يبحثون عن طرق مستدامة لتحقيق الدخل من أعمالهم. تنافست منصات أخرى مثل يوتيوب وتويتش على استقطاب هؤلاء المبدعين من خلال تقديم برامج شراكة ونظم اشتراكات مجزية. كان "صندوق المبدعين" الأول لتيك توك، الذي أطلق سابقًا، قد تلقى بعض الانتقادات بسبب تقلب المدفوعات وعدم الشفافية الكافية، مما دفع تيك توك لإعادة تقييم استراتيجيتها لدعم المبدعين.

المزايا الرئيسية الجديدة لدعم المبدعين

إحدى أبرز هذه المزايا هي إطلاق نظام اشتراكات البث المباشر (Live Subscription)، الذي يتيح للمشاهدين دعم منشئيهم المفضلين ماليًا بشكل شهري. في المقابل، يحصل المشتركون على مزايا حصرية مثل شارات المشتركين، والرموز التعبيرية المخصصة، وإمكانية الوصول إلى محادثات خاصة بالمشتركين فقط خلال البث المباشر. يمثل هذا النظام خطوة مهمة نحو توفير تدفق دخل أكثر استقرارًا للمبدعين، حيث أعلنت تيك توك عن سياسة تنافسية للغاية تضمن حصول المبدعين على نسبة 90% من أرباح الاشتراكات بعد خصم الرسوم التي تفرضها متاجر التطبيقات.

الميزة الثانية هي إطلاق أداة "الترويج" (Promote Tool)، وهي أداة إعلانية مدمجة داخل التطبيق تتيح للمبدعين تحويل مقاطع الفيديو الخاصة بهم إلى إعلانات مدفوعة. تهدف هذه الأداة إلى مساعدة منشئي المحتوى على زيادة مدى وصولهم وجذب جمهور جديد وتوسيع قاعدة متابعيهم. توفر أداة الترويج خيارات استهداف للجمهور، مما يمكن المبدعين من الوصول إلى المشاهدين الأكثر اهتمامًا بمحتواهم، وبالتالي تعزيز فرصهم في النمو والشهرة داخل المنصة وخارجها.

أما الميزة الثالثة التي تم التركيز عليها فهي تطوير وتعزيز أدوات تحليل الأداء المتقدمة (Advanced Analytics Tools) المتاحة للمبدعين. تهدف هذه الأدوات إلى تزويد منشئي المحتوى ببيانات أكثر تفصيلاً ودقة حول أداء مقاطع الفيديو الخاصة بهم، وتركيبة جمهورهم، وأنماط التفاعل. من خلال فهم أعمق لهذه المقاييس، يمكن للمبدعين تحسين استراتيجيات محتواهم، وتحديد أنواع المحتوى الأكثر جاذبية، وتوقيت النشر الأمثل، مما يؤدي إلى زيادة التفاعل والنمو المستدام على المدى الطويل.

أهمية هذه التطورات وتأثيرها

تكتسب هذه المزايا أهمية كبرى كونها تمثل تحولًا في استراتيجية تيك توك لدعم اقتصاد المبدعين. فمن خلال توفير طرق مباشرة وفعالة لتحقيق الدخل، مثل نظام الاشتراكات، تقلل المنصة من اعتماد المبدعين على الإعلانات أو الرعاية الخارجية، مما يمنحهم مزيدًا من الاستقلالية والاستقرار المالي. كما أن أدوات الترويج والتحليل تمنحهم القدرة على التخطيط الاستراتيجي لمسيرتهم الإبداعية، وتحويل شغفهم إلى مهنة مستدامة. من المتوقع أن تعزز هذه الخطوات ولاء المبدعين للمنصة، وتجذب مواهب جديدة، وتساهم في رفع جودة المحتوى العام.

التوقعات المستقبلية

تُظهر هذه التحسينات التزام تيك توك بمواصلة الاستثمار في مجتمع المبدعين لديها، ومن المتوقع أن تستمر المنصة في تطوير أدوات جديدة ومسارات إضافية لتحقيق الدخل في المستقبل. ومع ذلك، سيتعين على تيك توك موازنة متطلبات المبدعين مع سياسات المحتوى الصارمة، وضمان بيئة آمنة وداعمة لجميع المستخدمين. يرى المحللون أن هذه الخطوات ضرورية لتأكيد مكانة تيك توك كمنصة رائدة لا تقتصر فقط على استهلاك المحتوى، بل أيضًا على إنشائه وازدهار صناعيه.

في الختام، تمثل إعلانات تيك توك الأخيرة في مايو 2022 دفعة قوية لمنظومة المبدعين لديها، مع التركيز الواضح على توفير أدوات فعالة للمونيتيزيشن والنمو. من خلال نظام الاشتراكات الجديد وأدوات الترويج والتحليل المحسنة، تسعى تيك توك إلى بناء علاقة أقوى وأكثر استدامة مع منشئي المحتوى، مما يضمن استمرار تدفق المحتوى الإبداعي والمتنوع الذي يعتمد عليه نجاح المنصة.