جدل واسع حول حقيقة مهنة الناشط الفلسطيني صالح الجعفراوي

أثيرت في الأشهر الأخيرة حالة من الجدل الواسع على منصات التواصل الاجتماعي حول هوية ومهنة الشاب الفلسطيني صالح الجعفراوي، الذي برز بشكل كبير كواحد من أبرز صانعي المحتوى الذين يوثقون الأحداث في قطاع غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023. وبينما يتابعه الملايين كصوت ينقل المعاناة اليومية للسكان، شككت حسابات ومنصات إعلامية في مصداقيته، متهمة إياه بأنه ليس صحفياً بل "ممثل أزمات"، مما أدى إلى انقسام حاد في الآراء حول طبيعة عمله ودوافعه.

خلفية الجدل واتهامات "التمثيل"

بدأت الحملة ضد الجعفراوي مع انتشار مقاطع فيديو وصور قديمة له تظهره في سياقات مختلفة تماماً عن تغطيته الحالية للحرب. استند المشككون إلى هذه المواد للترويج لفكرة أنه يؤدي أدواراً تمثيلية لكسب التعاطف وتزييف الحقائق. ومن أبرز المقاطع التي تم تداولها:

مقاطع يظهر فيها وهو يغني ويمارس نشاطات فنية.
صور له في المستشفى، والتي وصفها النقاد بأنها مشاهد تمثيلية لإصابة مزعومة.
ظهوره في أدوار مختلفة في فعاليات سابقة، مما تم تفسيره على أنه دليل على اعتياده لعب أدوار متنوعة.

هذه الاتهامات تم ربطها بمصطلح "باليوود" (Pallywood)، وهو مصطلح يستخدمه بعض النقاد لوصف ما يعتبرونه إنتاجاً إعلامياً فلسطينياً دعائياً يهدف إلى فبركة الأحداث. ووفقاً لهذه الرواية، فإن الجعفراوي ليس سوى جزء من حملة تضليل إعلامي منظمة.

الرد على الادعاءات وتوضيح الحقائق

في المقابل، دافع صالح الجعفراوي ومؤيدوه بقوة ضد هذه الاتهامات، مؤكدين أنها حملة تشويه ممنهجة تهدف إلى إسكات الأصوات الفلسطينية التي تنقل الحقيقة من الميدان. وأوضحوا أن الجعفراوي لم يدّع يوماً أنه صحفي محترف، بل هو ناشط وصانع محتوى يستخدم منصاته لتوثيق ما يعيشه هو ومجتمعه. وأشاروا إلى أن المقاطع القديمة المستخدمة ضده مجتزأة من سياقها، حيث كان الجعفراوي بالفعل يمارس الغناء وصناعة المحتوى الترفيهي والاجتماعي قبل الحرب، وهو أمر لا ينفي مصداقية توثيقه الحالي للأحداث المأساوية.

أما بخصوص صوره في المستشفى، فقد أكد المقربون منه أنها توثق إصابات حقيقية تعرض لها جراء القصف. ويرى أنصاره أن محاولة استخدام ماضيه الفني كسلاح ضده هو تكتيك يهدف إلى التشكيك في كل الروايات الفلسطينية الصادرة من غزة، وتحويل الانتباه عن جوهر القضية وهو المعاناة الإنسانية.

الأهمية والسياق الأوسع

تكتسب قضية صالح الجعفراوي أهميتها من كونها نموذجاً مصغراً لحرب المعلومات الدائرة بالتوازي مع الصراع العسكري. فهي تسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام، والصعوبات التي تواجه التحقق من صحة المحتوى القادم من مناطق النزاع. كما تبرز هذه الحادثة الاستخدام الاستراتيجي لاتهامات "الأخبار الكاذبة" و"التمثيل" كوسيلة لنزع الشرعية عن روايات الخصم.

في النهاية، ورغم الجدل المستمر، واصل الجعفراوي نشاطه في التوثيق واكتسب شهرة عالمية ومتابعة واسعة، حيث يرى الكثيرون في محتواه نافذة مباشرة على الواقع الإنساني داخل قطاع غزة، بينما يظل في نظر منتقديه شخصية مثيرة للريبة وجزءاً من الجدل الإعلامي المحيط بالصراع.