إحباط محاولة سرقة مكتب بريد العوايد بالإسكندرية عبر نفق حفره لصوص من مسجد مجاور

نجحت الأجهزة الأمنية في الإسكندرية في إحباط محاولة سرقة جريئة ومثيرة للجدل استهدفت مكتب بريد العوايد بمنطقة عزبة سكينة شرق المدينة. تعود تفاصيل الواقعة إلى أواخر مايو 2021، حيث حاول مجموعة من اللصوص تنفيذ مخطط لسرقة المكتب عن طريق حفر نفق سري يربط بين المسجد المجاور، مسجد الحمد، ومكتب البريد.

الخلفية والتفاصيل الأولية

يقع مكتب بريد العوايد في منطقة حيوية بالإسكندرية، وهو من المكاتب التي تشهد إقبالاً كبيراً من المواطنين لإنهاء معاملاتهم المالية والبريدية. يجاوره مباشرة مسجد الحمد، مما وفّر للصوص غطاءً مثالياً لتنفيذ خطتهم الإجرامية. استغل المتهمون خصوصية المسجد وهدوءه في ساعات متأخرة من الليل، أو في الأوقات التي يكون فيها خالياً من المصلين، ليبدأوا في حفر النفق بهدف الوصول إلى خزينة المكتب البريدي التي عادةً ما تحتوي على مبالغ نقدية كبيرة.

تظهر التحقيقات الأولية أن اللصوص كانوا يخططون للعملية بعناية فائقة، محاولين تقليد أساليب الأفلام السينمائية في السرقة. حيث قاموا بتجهيز أدوات الحفر اللازمة، مثل الفؤوس والمعاول وأدوات إضاءة محمولة، بالإضافة إلى أقنعة وقفازات لإخفاء هويتهم وآثارهم. لقد اختاروا نقطة الحفر من داخل المسجد بعناية، بحيث تكون قريبة ومباشرة من الجدار الفاصل بين المسجد والمكتب البريدي، وصولاً إلى الغرفة التي تحتوي على الخزائن.

اكتشاف المحاولة وسير الأحداث

لم يسر مخطط اللصوص كما كان متوقعاً. ففي إحدى ليالي أواخر مايو 2021، وتحديداً قبيل الفجر أو بعد صلاة العشاء، لاحظ أحد الأهالي أو القائمين على المسجد وجود أصوات غريبة صادرة من داخله، مصحوبة ببعض الغبار الذي كان يتسرب من فتحة جانبية. أثارت هذه الملاحظات شكوكه، خاصة وأنها كانت في غير أوقات الصلاة المعتادة وأن الأبواب كانت موصدة بشكل يثير الريبة. على الفور، أبلغ المواطن الأجهزة الأمنية بقسم شرطة المنتزه ثان بالواقعة.

استجابت قوات الشرطة فوراً للبلاغ، وتم الدفع بقوة أمنية كبيرة لمداهمة المسجد وتطويق المنطقة المحيطة به. عند دخول المسجد، فوجئت القوات بوجود عدد من المتهمين داخل النفق أو بالقرب منه وهم في حالة تلبس بالجريمة. تمكنت القوات من ضبط بعض أفراد العصابة داخل المسجد، بينما حاول آخرون الفرار عبر طرق مختلفة، لكن يقظة الأمن أسفرت عن القبض على عدد منهم لاحقاً بعد مطاردة قصيرة. عُثر بحوزتهم وعلى مسرح الجريمة على أدوات الحفر التي استخدموها، ومعدات إضاءة، وأقنعة، وقفازات، بالإضافة إلى اكتشاف النفق الذي يبلغ طوله حوالي 3 إلى 4 أمتار، والذي كان على وشك الوصول إلى هدفه.

التحقيقات والإجراءات القانونية

باشرت النيابة العامة، وتحديداً نيابة المنتزه ثان، التحقيقات الموسعة في الواقعة. تم استجواب المتهمين المضبوطين، الذين أقروا بتفاصيل مخططهم الإجرامي وذكروا أسماء شركائهم الهاربين. أصدرت النيابة قرارات بحبس المتهمين احتياطياً على ذمة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث التكميلية لضبط باقي المتورطين. كما أمرت النيابة بتشكيل لجنة فنية لمعاينة النفق وأدوات الحفر، ورفع البصمات من مسرح الجريمة، بالإضافة إلى فحص كاميرات المراقبة المحيطة بالمكتب والمسجد إن وجدت، لكشف كافة الملابسات وتحديد الأدوار التي قام بها كل متهم.

كما تم الاستماع إلى أقوال شهود العيان من المواطنين والقائمين على المسجد، وكذلك مسؤولي مكتب البريد، لمعرفة مدى الخسائر التي كان من الممكن أن تلحق بالمكتب والتحقق من سلامة الأموال بداخله.

أهمية الخبر والسياق

تكتسب هذه الواقعة أهمية خاصة لعدة أسباب. أولاً، لجرأة الأسلوب الإجرامي المتبع، والذي يعتمد على الحفر من مكان غير متوقع (مسجد) نحو مؤسسة مالية حيوية (مكتب بريد). ثانياً، للدلالة التي تحملها على مدى استغلال بعض المجرمين للمساحات الدينية في محاولة تنفيذ مخططاتهم، مما يثير قلقاً مجتمعياً حول أمن هذه الأماكن وقدسيتها. ثالثاً، تسلط الضوء على يقظة المواطنين والأجهزة الأمنية في الإسكندرية، والتي أدت إلى إحباط الجريمة قبل اكتمالها، وحماية أموال المواطنين والدولة.

تذكر هذه الحادثة بالعديد من وقائع السرقة المماثلة التي تعتمد على حفر الأنفاق، والتي غالباً ما تكون مستوحاة من قصص وأفلام تتناول عمليات السطو المعقدة. وتعد هذه القضية دليلاً على ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية في المواقع الحيوية، وأهمية التعاون بين المواطنين والأمن للحفاظ على أمن وسلامة المجتمع.

الخاتمة

لا تزال التحقيقات جارية لاستكمال كافة خيوط القضية وتقديم جميع المتورطين للعدالة. وتُعد هذه الواقعة مثالاً ساطعاً على الجهود المتواصلة للأمن في مكافحة الجريمة، كما أنها تبرز دور المواطن كشريك أساسي في حفظ الأمن من خلال الإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة. إن إحباط هذه المحاولة الجريئة يؤكد على جاهزية الأجهزة الأمنية للتعامل مع مختلف أنواع الجرائم وحماية الممتلكات العامة والخاصة.