جدل تحكيمي حاد في إسبانيا إثر إلغاء هدف حاسم في الثواني الأخيرة

شهدت ملاعب كرة القدم الإسبانية مؤخراً جدلاً تحكيمياً واسع النطاق، إثر واقعة مثيرة للدهشة خلال إحدى مباريات دوري الدرجة الثانية. تمحورت الأزمة حول قرار حكم المباراة بإلغاء هدف حاسم سجله أحد الفرق في الثواني الأخيرة من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، وهو قرار أثار ردود فعل غاضبة وتساؤلات حول عدالة التحكيم ومعايير تطبيق القوانين. جاء ذلك في المباراة التي أقيمت يوم الأحد، 15 أكتوبر 2023، ضمن الجولة التاسعة من مسابقة دوري LaLiga SmartBank.

تفاصيل الواقعة المثيرة للجدل

تحديداً، جرت أحداث الواقعة في اللقاء الذي جمع بين فريقي سبورتنغ خيخون وضيفه راسينغ سانتاندير. كانت المباراة تتجه نحو نهايتها بتعادل إيجابي، مما يزيد من أهمية كل نقطة في صراع الدوري المتقارب. وفي اللحظات الأخيرة من الوقت بدل الضائع، شن فريق سبورتنغ خيخون هجمة أخيرة يائسة. تمكن أحد لاعبيه من تسديد الكرة نحو المرمى، لتتجاوز خط المرمى بوضوح وتدخل الشباك، محتفلاً بما بدا هدفاً قاتلاً سيمنح فريقه النقاط الثلاث.

لكن الفرحة لم تكتمل؛ ففي اللحظة نفسها التي اجتازت فيها الكرة خط المرمى، كان حكم المباراة قد أطلق صافرة النهاية بشكل فعلي، معلناً انتهاء الشوط الثاني والمباراة برمتها. هذا القرار، الذي يبدو وكأنه تزامن مع لحظة تسجيل الهدف أو سبقها بجزء بسيط جداً من الثانية، أدى إلى إلغاء الهدف بشكل تلقائي وفقاً لقوانين اللعبة التي تنص على أن أي حدث يقع بعد صافرة النهاية يعتبر لاغياً. أظهرت الإعادات التلفزيونية دقة التوقيت الفاصل بين دخول الكرة الشباك وإطلاق الصافرة، وهو ما غذى نار الجدل بشكل كبير.

ردود الأفعال والتداعيات الفورية

كانت ردود الأفعال فورية وقوية. عبّر لاعبو سبورتنغ خيخون وطاقمهم الفني عن غضبهم الشديد واحتجاجهم العنيف على قرار الحكم. وبدا على المدرب ميغيل أنخيل راميريز علامات خيبة الأمل والإحباط، مشيراً في تصريحات لاحقة إلى أن مثل هذه الأخطاء التحكيمية يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة على مسار الفرق ومستقبلها في الدوري. انتقد العديد من المحللين الرياضيين القرار، مشددين على أن الحكم كان بإمكانه إتاحة الفرصة لإكمال الهجمة خصوصاً في تلك اللحظة الحاسمة من المباراة.

لم يقتصر الجدل على أرض الملعب والمختصين؛ بل امتد إلى جماهير كرة القدم الإسبانية، التي عبرت عن استيائها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات الرياضية. طالب الكثيرون بمحاسبة الحكم المعني وبضرورة توفير المزيد من الدعم التكنولوجي لضمان عدالة النتائج، خاصة في اللحظات المفصلية التي قد تحدد مصير الفرق في المنافسات الصعبة.

السياق التحكيمي وقواعد اللعبة

تثير هذه الواقعة مجدداً النقاش حول تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) في مختلف الدرجات الاحترافية. فبينما يتم تطبيق VAR بشكل شامل في الدوري الإسباني الممتاز (LaLiga EA Sports)، فإن تواجده في دوري الدرجة الثانية (LaLiga SmartBank) يكون محدوداً أو معدوماً في بعض الجوانب، مما يترك مجالاً أكبر للأخطاء البشرية المؤثرة. القواعد الرسمية تنص بوضوح على أن صافرة الحكم هي التي تحدد نهاية فترة اللعب، وأي حدث يقع بعدها لا يُحتسب. لكن الجدل هنا يكمن في التوقيت الدقيق للصافرة وما إذا كانت قد جاءت سابقة لأوانها بشكل أثر على نتيجة المباراة.

هذا النوع من القرارات يسلط الضوء على الضغوط الهائلة التي يتعرض لها الحكام في المباريات عالية الوتيرة، حيث يتوجب عليهم اتخاذ قرارات مصيرية في أجزاء من الثانية. وفي دوري الدرجة الثانية، حيث المنافسة شرسة على الصعود وتجنب الهبوط، فإن كل نقطة وكل قرار يمكن أن يكون له أثر هائل على الموسم بأكمله.

تداعيات محتملة ومطالبات بتحسين المعايير

من المتوقع أن يقوم نادي سبورتنغ خيخون بتقديم شكوى رسمية أو استئناف لدى الاتحاد الإسباني لكرة القدم (RFEF) بخصوص الواقعة. ومع أن مثل هذه الاستئنافات نادراً ما تؤدي إلى تغيير نتائج المباريات بناءً على أخطاء تحكيمية بحتة، إلا أنها قد تفتح تحقيقاً في أداء الحكم المعني وربما تؤدي إلى إجراءات تأديبية. كما أن الحادثة ستعيد إشعال المطالبات بضرورة مراجعة سياسات تطبيق تقنية VAR وتوسيع نطاقها لتشمل جميع المباريات الهامة في الدوريات الاحترافية، لضمان تكافؤ الفرص والحد من الأخطاء التي قد تشوه نزاهة المنافسة.

باختصار، يظل هذا الهدف الملغى في الثواني الأخيرة مثالاً حياً على التأثير العميق الذي يمكن أن تحدثه القرارات التحكيمية على الفرق والجماهير على حد سواء، ويؤكد على الحاجة المستمرة لتحسين معايير التحكيم ودعمهم بالتكنولوجيا اللازمة لضمان عدالة اللعبة الأكثر شعبية في العالم.