مقترح أميركي لإجلاء مقاتلي حماس من رفح عبر ممر آمن

في خضم التوترات المتصاعدة والعمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، برزت خلال الأيام الأخيرة تقارير إعلامية تشير إلى وجود مبادرة أميركية، بالتنسيق مع وسطاء إقليميين، تهدف إلى توفير ممر آمن لخروج مقاتلي حركة حماس من المدينة. ويأتي هذا المقترح كحل دبلوماسي محتمل لتجنب معركة برية واسعة النطاق في رفح، التي تكتظ بمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين، وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.

تفاصيل المبادرة وشروطها الأساسية

وفقًا لمصادر دبلوماسية وإعلامية متطابقة، تقوم الفكرة التي تقودها واشنطن على أساس معادلة واضحة: السماح لمقاتلي حماس بمغادرة رفح بشكل آمن مقابل تحقيق شرط أساسي وجوهري بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. يتمثل هذا الشرط في الإفراج الكامل عن جميع الرهائن الإسرائيليين والأجانب الذين ما زالوا محتجزين لدى الحركة في قطاع غزة. وتتضمن تفاصيل الخطة المقترحة النقاط التالية:

إخلاء المقاتلين: فتح ممر آمن ومراقب دوليًا يتيح لمقاتلي حماس الخروج من أنفاق ومواقع رفح دون استهدافهم من قبل الجيش الإسرائيلي.
تسليم الأسلحة: تشير بعض التقارير إلى أن المقترح قد يشمل شرط تسليم الأسلحة الثقيلة التي بحوزة المقاتلين كجزء من الاتفاق.
الوجهة النهائية: لا تزال وجهة المقاتلين الذين سيغادرون غير واضحة، حيث تطرح سيناريوهات متعددة، منها انتقالهم إلى منطقة أخرى داخل قطاع غزة أو حتى مغادرتهم إلى دولة ثالثة، وهو الخيار الأكثر تعقيدًا.
إطلاق سراح الرهائن: يعتبر هذا البند هو حجر الزاوية في المقترح بأكمله، حيث تربط المبادرة بشكل مباشر بين أمن المقاتلين وحرية الرهائن.

السياق الميداني والضغوط الدولية

يأتي طرح هذه المبادرة في وقت حرج، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في محيط رفح وسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر. وقد أثارت هذه العمليات قلقًا دوليًا واسعًا، خاصة من جانب الولايات المتحدة ومصر، خشية وقوع كارثة إنسانية في حال شن هجوم بري شامل على المدينة التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني. تمثل المبادرة الأميركية محاولة لإيجاد مخرج من المأزق الحالي، يضمن لإدارة الرئيس جو بايدن تجنب مشاهد دمار واسعة في رفح، ويمنح حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرصة لاستعادة الرهائن، وهو أحد الأهداف الرئيسية المعلنة للحرب.

مواقف الأطراف المعنية

تباينت ردود الفعل والمواقف تجاه هذه المبادرة غير الرسمية حتى الآن، حيث لم يصدر تأكيد رسمي من أي من الأطراف الرئيسية، لكن المؤشرات الأولية تعكس صعوبة التوصل إلى اتفاق.

الجانب الإسرائيلي: تظهر انقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية. فبينما قد يرى البعض في المقترح فرصة لتحقيق هدف استعادة الرهائن دون خوض معركة دامية في رفح، يرفض التيار الأكثر تشددًا فكرة السماح لمقاتلي حماس بالخروج، معتبرًا أن ذلك يمثل انتصارًا للحركة ويقوض هدف الحرب المتمثل في القضاء على قدراتها العسكرية والسياسية.

حركة حماس: من جانبها، لم تعلق الحركة رسميًا على هذه التقارير، لكن مواقفها السابقة تشير إلى أنها سترفض أي اتفاق لا يتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابًا إسرائيليًا كاملًا من قطاع غزة. وتعتبر الحركة أن وجود مقاتليها والرهائن يمثلان أوراق ضغط أساسية في أي مفاوضات مستقبلية.

الوسطاء (مصر وقطر): تدعم كل من القاهرة والدوحة الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النار وتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية. وتلعب مصر دورًا محوريًا بسبب حدودها المباشرة مع رفح وقلقها من تداعيات أي عملية عسكرية واسعة النطاق على أمنها القومي.

الأهمية والتداعيات المحتملة

تكمن أهمية هذا المقترح في كونه يقدم مسارًا بديلاً للحل العسكري البحت في رفح. ففي حال نجاحه، قد يؤدي إلى إنقاذ حياة الرهائن وتجنيب المدنيين في رفح المزيد من المعاناة. كما أنه قد يمثل بداية لمرحلة جديدة في الصراع. أما في حال فشله، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار وتوسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، مع كل ما يحمله ذلك من عواقب إنسانية وسياسية وخيمة على المنطقة بأسرها. ويبقى مصير هذه المبادرة معلقًا بمدى قدرة الأطراف على تقديم تنازلات جوهرية في ظل انعدام الثقة العميق بينها.