مصر تطلق برنامجًا لتدريب ذوي الاضطرابات العصبية على وظائف التكنولوجيا بالتعاون مع شركة عالمية

في خطوة هامة لتعزيز الدمج المجتمعي وتطوير الكفاءات الرقمية، شهدت مصر مؤخراً توقيع بروتوكول تعاون بين هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) وشركة DXC Technology العالمية لإطلاق برنامج "ITIDA-DXC Dandelion" في البلاد. يهدف البرنامج، الذي تم الإعلان عنه في أوائل ديسمبر ٢٠٢٣، إلى تأهيل وتوظيف الأفراد من ذوي الاضطرابات العصبية المتنوعة، ودمجهم في سوق العمل بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي يشهد نمواً متسارعاً.

أهداف البرنامج وتفاصيله

يُعد برنامج "Dandelion" مبادرة عالمية رائدة أطلقتها شركة DXC Technology لمساعدة الأفراد الذين يتميزون بتنوع عصبي، مثل المصابين بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو عسر القراءة، على إيجاد مسارات مهنية مستدامة. وتستند فكرة البرنامج على أن هؤلاء الأفراد يمتلكون في كثير من الأحيان مهارات فريدة، مثل التركيز العالي على التفاصيل، والقدرة الفائقة على التعرف على الأنماط، والتفكير المنهجي، وهي مهارات تحظى بتقدير كبير في مجالات التكنولوجيا الحديثة.

ويركز البرنامج في نسخته المصرية على استهداف طلاب السنوات النهائية بالجامعات والخريجين الجدد. سيقدم البرنامج للمشاركين تدريباً متخصصاً ومكثفاً في عدد من المجالات التكنولوجية المطلوبة بشدة في السوق، ومنها:

تحليل البيانات
الأمن السيبراني
اختبار البرمجيات
الذكاء الاصطناعي والأتمتة

بالإضافة إلى التدريب التقني، يوفر البرنامج دعماً شاملاً للمتدربين لمساعدتهم على التكيف مع بيئة العمل، بما في ذلك إرشادات مهنية وتوجيه لتطوير المهارات الشخصية اللازمة للنجاح في وظائفهم، مما يضمن عملية انتقال سلسة من التدريب إلى التوظيف الفعلي.

أهمية المبادرة في السياق الوطني

تأتي هذه المبادرة في إطار استراتيجية الدولة المصرية الأوسع نطاقاً لبناء اقتصاد رقمي قوي وشامل. حيث أكدت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على التزامها بتنمية المهارات الرقمية لجميع فئات المجتمع، وخلق كوادر بشرية قادرة على تلبية متطلبات سوق العمل المستقبلية. يمثل هذا التعاون خطوة عملية نحو تحقيق "الدمج الرقمي"، الذي لا يقتصر على توفير الوصول إلى التكنولوجيا فحسب، بل يشمل أيضاً تمكين الأفراد من المشاركة بفعالية في الاقتصاد الرقمي.

من خلال الاستثمار في هذه الشريحة من المواهب غير المستغلة كفاية، لا تساهم المبادرة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص فقط، بل تقدم أيضاً حلاً مبتكراً لسد فجوة المهارات في قطاع التكنولوجيا. فالشركات العالمية والمحلية تبحث باستمرار عن متخصصين ذوي كفاءة عالية، وبرنامج مثل "Dandelion" يفتح الباب أمام مجموعة جديدة من المواهب التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في الابتكار والإنتاجية.

دور الشركاء ورؤيتهم المستقبلية

تلعب كل من هيئة "إيتيدا" وشركة "DXC Technology" دوراً محورياً في إنجاح هذا البرنامج. تتولى "إيتيدا"، بصفتها الذراع التنفيذي لوزارة الاتصالات، مسؤولية دعم ورعاية المبادرة، وربطها بالمنظومة التكنولوجية في مصر، وضمان توافقها مع الأهداف الوطنية لتنمية الصناعة. وقد أكد المسؤولون أن الهيئة تعمل على خلق بيئة مواتية تشجع الشركات العالمية على إطلاق مثل هذه البرامج النوعية في مصر.

من جانبها، تقدم شركة DXC Technology خبرتها العالمية الواسعة في تنفيذ برنامج "Dandelion" الذي حقق نجاحاً في عدة دول حول العالم. وتلتزم الشركة بتوفير المناهج التدريبية المتطورة، وتهيئة بيئة عمل داعمة وشاملة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل للمتدربين المتميزين داخل الشركة أو لدى شبكة شركائها. يعكس هذا التعاون ثقة الشركات العالمية في سوق تكنولوجيا المعلومات المصري وقدرته على استيعاب وتنمية الكفاءات المتنوعة.

الأثر المتوقع للمستقبل

من المتوقع أن يكون لبرنامج "ITIDA-DXC Dandelion" تأثير إيجابي متعدد الأوجه. فعلى المستوى الفردي، سيمنح البرنامج فرصة حقيقية للأشخاص ذوي الاضطرابات العصبية لتحقيق استقلالهم المادي والمهني. وعلى مستوى قطاع الأعمال، سيثري البرنامج سوق العمل بكفاءات جديدة ويشجع على تبني سياسات توظيف أكثر تنوعاً وشمولاً. كما يُؤمل أن تكون هذه المبادرة نموذجاً يُحتذى به في قطاعات أخرى، مما يرسخ ثقافة قبول التنوع والاختلاف كعنصر قوة في بيئة العمل المصرية.