خطة غزة الجديدة: تقرير يكشف الدور المحوري لجاريد كوشنر

سلط تقرير حديث لصحيفة وول ستريت جورنال الضوء مجدداً على جاريد كوشنر، كبير المستشارين السابق وصهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ودوره في صياغة رؤية مستقبلية لقطاع غزة لمرحلة ما بعد الحرب. يشير التقرير إلى أن أفكار كوشنر، رغم عدم توليه أي منصب رسمي، بدأت تكتسب زخماً وتؤثر في النقاشات الدائرة داخل دوائر سياسية مؤثرة، خاصة تلك المرتبطة بإدارة ترامب المحتملة مستقبلاً.

خلفية الدور التاريخي لكوشنر

يُعرف كوشنر بشكل أساسي بأنه المهندس الرئيسي لاتفاقيات أبراهام، وهي سلسلة من الاتفاقيات التاريخية التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، من بينها الإمارات العربية المتحدة والبحرين. وقبل ذلك، طرح مبادرته للسلام في الشرق الأوسط التي عُرفت بخطة "السلام من أجل الازدهار"، والتي ركزت بشكل كبير على الاستثمار الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، لكنها قوبلت برفض واسع من القيادة الفلسطينية لتجاوزها القضايا السياسية الجوهرية، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية. هذه الخلفية التاريخية توفر سياقاً مهماً لفهم منهجيته الحالية تجاه الوضع في غزة.

تفاصيل الخطة المقترحة ومحاورها

وفقاً للتقرير وتصريحات كوشنر العلنية الأخيرة، تتمحور الرؤية المطروحة لمستقبل غزة حول عدة ركائز أساسية، منها:

إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية: تتضمن الخطة تحويل المشهد المدمر في غزة من خلال استثمارات دولية ضخمة، مع إشارة كوشنر إلى "إمكانات الواجهة البحرية القيمة" للقطاع، وهو ما يمكن أن يجذب مشاريع عقارية كبرى.
نقل السكان وتأمين المدنيين: من بين الجوانب الأكثر إثارة للجدل في أفكاره، ما طرحه في جامعة هارفارد في مارس 2024 حول إمكانية "إخلاء" أجزاء من غزة ونقل المدنيين مؤقتاً، ربما إلى صحراء النقب، لتسهيل العمليات العسكرية وإعادة الإعمار. وقد أثارت هذه التصريحات انتقادات حادة واتهامات بالدعوة إلى التهجير القسري.
التعاون الإقليمي: يبدو أن الخطة تعتمد بشكل كبير على مشاركة الشركاء الإقليميين، لا سيما دول الخليج، في تمويل ورعاية جهود إعادة الإعمار، وهو ما يعكس الإطار التعاوني الذي بُنيت عليه اتفاقيات أبراهام.
تجاوز حل الدولتين: تماشياً مع جهوده السابقة، يبدو أن الإطار المقترح يعطي الأولوية للاستقرار الاقتصادي والترتيبات الأمنية على حساب فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتي تمثل حجر الزاوية في الدبلوماسية الدولية لعقود.

أهمية الخبر وتداعياته المحتملة

تكمن أهمية عودة كوشنر إلى واجهة النقاش في أنها تقدم لمحة عن التوجه المحتمل للسياسة الخارجية الأمريكية في حال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والذي قد يمثل تحولاً جذرياً عن نهج إدارة بايدن الحالية. كما أن تركيزه على الحلول الاقتصادية أولاً، مع تهميش التطلعات السياسية الفلسطينية، يعيد إشعال الجدل حول جدوى حل الصراع دون معالجة جذوره السياسية. إن حقيقة أن شخصاً بمثل قربه من ترامب يروج لهذه الأفكار تجعلها ذات وزن وتأثير محتمل.

ردود الفعل والتحليلات

أثارت المقترحات المنسوبة إلى كوشنر ردود فعل متباينة. فقد أدان مسؤولون فلسطينيون ومؤيدوهم هذه الأفكار، خاصة تلك المتعلقة بنقل السكان، معتبرين إياها استمراراً لسياسات تتجاهل الحقوق والهوية الوطنية الفلسطينية. في المقابل، يرى بعض المحللين أن النهج الاقتصادي قد يمثل بديلاً عملياً للمسارات السياسية التي لم تحقق نجاحاً. إلا أن النقاد يؤكدون أن أي خطة لا تحظى بقبول فلسطيني مصيرها الفشل، وقد تؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة.

في الختام، وعلى الرغم من أن جاريد كوشنر لا يشغل أي منصب حكومي حالياً، فإن الأفكار التي يروج لها حول مستقبل غزة تحظى باهتمام متزايد. ويؤكد تقرير وول ستريت جورنال استمرار نفوذه، ويقدم خريطة طريق محتملة لإدارة أمريكية مستقبلية، ترتكز على رؤية تعطي الأولوية للتحول الاقتصادي والشراكات الأمنية الإقليمية على حساب الحلول السياسية التقليدية.