آبل تخطط لإطلاق حاسوب محمول اقتصادي، سابقة في تاريخها
كشفت تقارير حديثة، أبرزها صادر عن وكالة بلومبيرغ في منتصف شهر مايو 2024، عن نية شركة آبل استكشاف سوق جديد بالكامل بالنسبة لها يتمثل في الحواسيب المحمولة ذات التكلفة المعقولة. هذه الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا كبيرًا لعملاق التكنولوجيا الذي لطالما ركز على إنتاج أجهزة متميزة وراقية بأسعار مرتفعة. وتشير التقارير إلى أن الشركة تعمل على تطوير نموذج جديد من أجهزة ماك بوك سيكون موجهًا بشكل مباشر لمنافسة أجهزة كروم بوك التي تنتجها جوجل وحواسيب ويندوز منخفضة التكلفة، لا سيما في قطاعات التعليم والمستهلكين ذوي الميزانية المحدودة.

خلفية التحول الاستراتيجي
لطالما ارتكزت استراتيجية آبل على تقديم تجربة مستخدم فاخرة ومتميزة، مما انعكس على سياسات التسعير المرتفعة لمنتجاتها. فمنذ إطلاق أول جهاز ماك بوك، تميزت حواسيب الشركة بتصاميمها الراقية، جودة التصنيع الفائقة، واعتمادها على أحدث التقنيات. وقد أدى هذا التوجه إلى بناء علامة تجارية قوية ووفاء عالٍ للعملاء، لكنه في الوقت ذاته حدّ من انتشار منتجاتها في بعض الأسواق والقطاعات التي تتطلب أسعارًا أكثر تنافسية. يأتي هذا التوجه الجديد في وقت تشهد فيه أسواق الحواسيب الشخصية تباطؤًا عالميًا، وتزايد المنافسة من البدائل الأقل تكلفة التي تستقطب شرائح واسعة من المستخدمين.
دوافع آبل لدخول السوق الاقتصادي
يمكن تحليل دوافع آبل لهذه الخطوة غير المسبوقة من عدة زوايا رئيسية:
- توسيع قاعدة المستخدمين: تسعى آبل إلى استقطاب شريحة أوسع من المستهلكين الذين قد لا يتمكنون من تحمل تكلفة أجهزة ماك بوك الحالية. هذا من شأنه أن يوسع قاعدة مستخدمي نظام macOS ويقرب المزيد من الأفراد إلى نظام آبل البيئي المتكامل، مما يعزز مبيعات الخدمات والتطبيقات في المستقبل.
- المنافسة في قطاع التعليم: تهيمن أجهزة كروم بوك بشكل كبير على سوق التعليم، خاصة في الولايات المتحدة حيث تُفضل لسهولة إدارتها وتكلفتها المنخفضة. دخول آبل لهذا السوق بحاسوب اقتصادي قد يمنحها فرصة لاستعادة حصة سوقية في هذا القطاع الحيوي.
- التصدي للركود الاقتصادي: في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وارتفاع مستويات التضخم، يتجه المستهلكون بشكل متزايد نحو الخيارات الأكثر اقتصادية. تقديم حاسوب محمول بسعر معقول يمكن أن يكون استجابة لمتطلبات السوق المتغيرة هذه.
- تعزيز الإيرادات: على الرغم من أن الهوامش الربحية قد تكون أقل على كل وحدة مقارنة بالأجهزة الفاخرة، فإن حجم المبيعات المتوقع في هذا القطاع يمكن أن يساهم بشكل كبير في زيادة الإيرادات الإجمالية للشركة.
تفاصيل محتملة وتوقعات المنتج
وفقًا للتسريبات والتحليلات، من المتوقع أن يختلف الحاسوب المحمول الاقتصادي من آبل عن طرازات ماك بوك إير وماك بوك برو الحالية في عدة جوانب لخفض التكلفة:
- المواد والتصميم: قد تعتمد آبل على مواد أقل تكلفة مثل البلاستيك المقوى بدلاً من الألومنيوم المصقول الذي تشتهر به، مع الحفاظ على لغة التصميم الأنيقة والمميزة للعلامة التجارية.
- المكونات الداخلية: من المرجح أن يتم استخدام شرائح آبل سيليكون (Apple Silicon) من أجيال سابقة (مثل شرائح M1 أو M2) بدلاً من أحدث وأقوى المعالجات، أو قد تطور شريحة مخصصة لهذا الطراز مع التركيز على الكفاءة والتكلفة. كما يمكن أن يأتي بذاكرة وصول عشوائي (RAM) وتخزين داخلي أقل في الإصدارات الأساسية.
- الشاشة والمنافذ: قد تكون الشاشة بدقة أقل قليلاً أو بتقنية عرض مختلفة عن شاشات الريتينا (Retina) المتطورة، وقد يتم تقليل عدد المنافذ أو أنواعها للحفاظ على التكلفة.
- نظام التشغيل: سيعمل الجهاز بنظام macOS الكامل، مما يوفر تجربة المستخدم الغنية والمألوفة لمنتجات آبل، مع تطبيقاتها وخدماتها المتكاملة.
- نطاق السعر: يُتوقع أن يتراوح سعره بين 500 دولار و800 دولار أمريكي، وهو سعر يضعه في منافسة مباشرة مع أفضل أجهزة كروم بوك والعديد من حواسيب ويندوز الاقتصادية.
التأثير المتوقع على السوق والعلامة التجارية
إذا ما تحققت هذه الخطوة، فإنها قد تحدث تأثيرات كبيرة في سوق الحواسيب المحمولة:
- تغيير ديناميكيات السوق: قد تضطر الشركات المنافسة مثل ديل، إتش بي، ولينوفو، بالإضافة إلى جوجل، إلى إعادة تقييم استراتيجياتها وأسعارها لمواجهة دخول آبل إلى هذا القطاع.
- مخاطر على صورة العلامة التجارية: يرى بعض المحللين أن طرح جهاز اقتصادي قد يحمل مخاطر على الصورة المتميزة والراقية لعلامة آبل التجارية. ومع ذلك، سبق لآبل أن نجحت في تقديم هواتف آيفون SE التي استهدفت شريحة سعرية أقل دون المساس بصورتها العامة.
- فرص نمو جديدة: على المدى الطويل، يمكن أن يفتح هذا المنتج آفاقًا جديدة لنمو آبل، لا سيما في الأسواق الناشئة والمجتمعات التعليمية، مما يعزز من حصتها السوقية الشاملة.
في الختام، تشير التقارير إلى أن هذا المشروع لا يزال في مراحله الأولية، وأن موعد الإطلاق قد يكون في أواخر عام 2025 أو أوائل عام 2026. ستكون هذه الخطوة بمثابة اختبار حقيقي لقدرة آبل على الموازنة بين الحفاظ على هويتها المتميزة والوصول إلى شرائح سوقية أوسع، مع الحفاظ على معايير الجودة والأداء التي اعتاد عليها مستخدموها.





