أزمة مبكرة تهدد مشاركة إيران في مونديال 2026 وتثير قلق الفيفا
مع بداية عام 2024، تلوح في الأفق بوادر أزمة جدية قد تلقي بظلالها على مشاركة المنتخب الإيراني في نهائيات كأس العالم 2026، التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. هذه المخاوف المبكرة تضع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أمام تحدٍ جديد يتعلق بضمان التزام الاتحادات الوطنية بالمعايير الدولية، خصوصًا في سياق يمزج بين السياسة والرياضة وحقوق الإنسان. تتكشف تفاصيل الأزمة وسط تقارير متزايدة تشير إلى تصاعد التوتر بين الهيئات الرياضية الدولية والسلطات الإيرانية، مما يهدد بتجريد إيران من فرصة تاريخية للمنافسة على أكبر مسرح كروي عالمي.

خلفية الأزمة: تاريخ من التوترات بين الفيفا وإيران
لطالما كان الملف الإيراني مصدر قلق مستمر للاتحاد الدولي لكرة القدم. تنص لوائح الفيفا بوضوح على ضرورة استقلالية الاتحادات الوطنية لكرة القدم عن أي تدخلات حكومية، وهو مبدأ أساسي يضمن نزاهة اللعبة وتسيير شؤونها بشكل مستقل. في حالة إيران، برزت عدة قضايا حساسة على مر السنين، أبرزها:
- حظر دخول النساء إلى الملاعب: يُعد هذا الملف من أكثر النقاط الشائكة. ففي حين أن الفيفا يؤكد على مبدأ المساواة والشمول، فإن السلطات الإيرانية فرضت قيودًا صارمة على حضور النساء للمباريات الرياضية، بما في ذلك مباريات كرة القدم. وقد أصدر الفيفا تحذيرات متعددة لإيران بهذا الشأن، وحدد مواعيد نهائية لتطبيق التغييرات، مهددًا بعقوبات في حال عدم الامتثال. على سبيل المثال، في عام 2019، بعد حادثة وفاة سحر خداياري المعروفة بـ"الفتاة الزرقاء"، تصاعد الضغط الدولي على إيران، ودفع الفيفا إلى مطالبة إيران بضمان دخول النساء إلى الملاعب "دون قيد أو شرط".
- التدخل الحكومي في شؤون الاتحاد: وردت تقارير سابقة عن تدخلات حكومية في انتخابات الاتحاد الإيراني لكرة القدم أو في قراراته الإدارية، مما يتعارض بشكل مباشر مع لوائح الفيفا التي تضمن استقلالية الهيئات الرياضية.
- قضايا حقوق الإنسان الأوسع: على الرغم من أن الفيفا يركز على كرة القدم، إلا أن قضايا حقوق الإنسان الأوسع في إيران غالبًا ما تتسرب إلى الساحة الرياضية، وتجلب معها ضغطًا من منظمات حقوقية دولية تدعو إلى اتخاذ مواقف صارمة ضد أي انتهاكات.
تطورات الأزمة الراهنة: تصعيد وتحديات جديدة
في الأسابيع الأخيرة من عام 2023 وبداية عام 2024، برزت تطورات جديدة فاقمت من حدة الأزمة. تشير التقارير إلى أن السلطات الإيرانية اتخذت إجراءات أو أصدرت توجيهات قد تفسر على أنها تراجع عن الالتزامات السابقة التي قدمتها للفيفا، خاصة فيما يتعلق بملف حضور النساء. على سبيل المثال، قد تكون هناك قيود جديدة على عدد المشجعات أو منع كامل في مباريات معينة، مما يتناقض مع الوعود بمنح النساء حق الدخول بشكل كامل وغير تمييزي.
استجابة لذلك، بدأت الهيئات العليا في الفيفا، بما في ذلك اللجنة التأديبية ومجلس الفيفا، في مراجعة الوضع عن كثب. هناك مخاوف حقيقية من أن تؤدي هذه التطورات إلى:
- تعليق عضوية الاتحاد الإيراني: وهو الإجراء الأقصى الذي يمكن أن يتخذه الفيفا، ويترتب عليه منع المنتخب الإيراني من المشاركة في أي مسابقات دولية، بما في ذلك تصفيات كأس العالم ونهائياتها.
- فرض غرامات مالية: كإجراء تأديبي أقل حدة.
- وضع شروط صارمة: مع مراقبة مشددة لتنفيذها قبل السماح بالمشاركة.
من جانبها، يحاول الاتحاد الإيراني لكرة القدم إيجاد مخرج للأزمة، مؤكدًا التزامه بتعليمات الفيفا وفي الوقت نفسه محاولًا التوفيق بينها وبين الضوابط المحلية. ومع ذلك، يبدو أن الفيفا بات أكثر صرامة في تطبيق لوائحه، خاصة مع اقتراب موعد المونديال وتزايد التدقيق العالمي على قضايا حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في الرياضة.
تداعيات محتملة على مونديال 2026
إذا ما تم حظر مشاركة إيران، فستكون تداعيات ذلك واسعة النطاق:
- على الصعيد الرياضي: ستحرم هذه الخطوة جيلًا من اللاعبين الإيرانيين من فرصة العمر للمشاركة في المونديال، وستخيب آمال الملايين من المشجعين المتحمسين لكرة القدم في إيران وحول العالم. كما ستؤثر على مسار التصفيات وتوزيع المقاعد المخصصة لقارة آسيا.
- على الصعيد السياسي والدبلوماسي: قد يؤدي الحظر إلى تفاقم عزلة إيران الدولية في مجال الرياضة، ويعكس صورة سلبية عن البلاد على الساحة العالمية. ويمكن أن يثير ذلك انتقادات داخلية واسعة النطاق ضد السلطات المسؤولة عن هذه التطورات.
- سابقة للفيفا: ستكون هذه الحالة بمثابة اختبار حاسم لالتزام الفيفا بقيمه ومبادئه المعلنة. فقرار حظر منتخب وطني من المونديال هو قرار نادر وله وزن كبير، وسيكون له تداعيات على كيفية تعامل الفيفا مع قضايا مشابهة في المستقبل مع دول أخرى.
تؤكد هذه الأزمة المبكرة على الطبيعة المعقدة للعلاقة بين الرياضة والسياسة، وتبرز التحديات التي تواجه الهيئات الرياضية الدولية في فرض قيمها ومبادئها على الاتحادات الوطنية ذات السياقات الثقافية والسياسية المختلفة. إن الأيام والأسابيع القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير مشاركة إيران في مونديال 2026.





