إحباط محاولة اتجار بـ 533 قطعة أثرية وضبط مزارع في بني سويف
في عملية نوعية جرت مؤخرًا، نجحت وزارة الداخلية المصرية في إحباط محاولة اتجار غير مشروع بالآثار، حيث تمكنت من ضبط 533 قطعة أثرية متنوعة بحوزة مزارع في محافظة بني سويف. تأتي هذه العملية في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية لمكافحة الجريمة المنظمة وحماية التراث الحضاري المصري من النهب والتهريب، مؤكدة على يقظة الدولة في التصدي لكل من يحاول المساس بكنوزها التاريخية.

خلفية عن أهمية الآثار وجهود الحماية
تعتبر مصر مهد الحضارات، وتزخر بأعداد هائلة من المواقع والكنوز الأثرية التي لا تقدر بثمن، والتي تمثل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية والإنسانية. هذه الآثار ليست مجرد شواهد تاريخية، بل هي مورد اقتصادي وسياحي حيوي يساهم في دعم الاقتصاد الوطني. ولحماية هذا الإرث العظيم، سنت مصر قوانين صارمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالآثار، أبرزها القانون رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، والذي يجرم حيازة الآثار أو بيعها أو تهريبها دون تصريح رسمي.
تتعرض المواقع الأثرية في مصر بشكل مستمر لمحاولات التعدي والنهب من قبل عصابات منظمة تستهدف التربح من الاتجار بهذه القطع في الأسواق السوداء العالمية. وتعمل وزارة الداخلية، بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، على رصد هذه الشبكات وتفكيكها، مستخدمة أحدث أساليب التحري والمتابعة لكشف هوية المتورطين وتقديمهم للعدالة. وتعتبر شرطة السياحة والآثار هي الجهة المتخصصة في هذا المجال، حيث تقوم بدور محوري في تأمين المواقع والمتاحف الأثرية وملاحقة لصوص وتجار الآثار.
تفاصيل عملية الضبط في بني سويف
جاءت عملية الضبط الأخيرة في بني سويف بناءً على معلومات دقيقة وردت إلى قطاع الأمن العام مفادها قيام مزارع بحيازة عدد كبير من القطع الأثرية داخل منزله بقصد بيعها والاتجار بها. وبعد التأكد من صحة المعلومات، قامت قوة أمنية بمداهمة منزل المتهم، الذي يقع في إحدى قرى بني سويف، حيث عثرت على 533 قطعة أثرية متنوعة. شملت المضبوطات مجموعة واسعة من الآثار التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
- عدد من التماثيل الصغيرة ذات الطابع الفرعوني.
 - أوانٍ فخارية وأدوات قديمة.
 - عملات معدنية ونقوش.
 - تمائم ومقتنيات أخرى يعتقد أنها تعود لحضارات مصر القديمة.
 
تم التحفظ على المتهم والقطع الأثرية، وبفحص القطع بمعرفة لجنة مختصة من وزارة السياحة والآثار، تأكدت أثريتها وخضوعها لقانون حماية الآثار. اعترف المتهم خلال التحقيقات الأولية بحيازته لهذه القطع الأثرية بنية الاتجار بها وبيعها للمهربين. وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإحالة المتهم إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات ومواجهته بالتهم المنسوبة إليه.
تداعيات وأهمية هذه العمليات
تعتبر هذه الضبطية ذات أهمية بالغة لعدة أسباب؛ فهي لا تقتصر فقط على استعادة عدد كبير من القطع الأثرية التي كانت ستُهرب خارج البلاد وتُفقد إلى الأبد، بل ترسل رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه العبث بتراث مصر. إن حجم المضبوطات يؤكد استمرار نشاط شبكات الاتجار بالآثار، مما يستدعي يقظة أمنية دائمة وتحديثًا مستمرًا لآليات المكافحة.
تسهم مثل هذه العمليات في تعزيز جهود الدولة لاستعادة الآثار المهربة دوليًا، حيث تشكل القطع التي يتم ضبطها داخل البلاد خط الدفاع الأول ضد تهريبها. كما أن مكافحة الاتجار غير المشروع بالآثار لا تحمي فقط الإرث الثقافي، بل تساهم أيضًا في حماية الاقتصاد الوطني من الخسائر الفادحة التي تنتج عن هذه التجارة غير المشروعة، والتي تقدر بملايين الدولارات سنويًا. ويبقى الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الآثار، والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة، حجر الزاوية في إنجاح هذه الجهود.
في الختام، تؤكد وزارة الداخلية على مواصلة حملاتها المكثفة لمكافحة كافة أشكال الجريمة، ومنها جرائم الاتجار بالآثار، بهدف الحفاظ على ثروات مصر التاريخية والحضارية لأجيالها القادمة، وتأكيدًا على سيادة القانون وحماية مقدرات الوطن.





