إحباط محاولة بيع 533 قطعة أثرية وضبطها بحوزة مزارع مصري
تمكنت السلطات المصرية، مؤخراً، من إحباط محاولة لتهريب وبيع مجموعة ضخمة من القطع الأثرية بلغ عددها 533 قطعة، وذلك في محافظة المنيا بصعيد مصر. وقد أسفرت العملية عن ضبط القطع بحوزة مزارع مصري قبل أن يتمكن من بيعها في السوق السوداء. وتأتي هذه العملية ضمن الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة لحماية تراثها الثقافي والتصدي لشبكات الاتجار غير المشروع بالآثار.

تفاصيل العملية الأمنية
وردت معلومات دقيقة إلى الأجهزة الأمنية المختصة بشرطة السياحة والآثار تفيد بحيازة أحد المزارعين في إحدى قرى مركز ملوي بالمنيا لعدد كبير من القطع الأثرية بهدف بيعها. وبعد التأكد من صحة هذه المعلومات، وبالتنسيق مع النيابة العامة، تم استصدار إذن تفتيش لمسكن المذكور. أسفرت عملية المداهمة عن العثور على 533 قطعة أثرية مختلفة الأحجام والأنواع مخبأة بعناية داخل منزله.
تم إلقاء القبض على المزارع المتهم، وبدأت التحقيقات معه لمعرفة مصدر هذه القطع ومن كان ينوي بيعها لهم، وهل هو جزء من شبكة أكبر لتهريب الآثار. وقد تم التحفظ على جميع المضبوطات وإيداعها في مخازن وزارة السياحة والآثار، تحت إشراف لجنة متخصصة لفحصها وتحديد قيمتها التاريخية والأثرية الدقيقة.
القطع الأثرية المضبوطة وأهميتها
تنوعت القطع الأثرية التي تم ضبطها لتشمل فترات تاريخية متعددة من الحضارة المصرية القديمة. شملت المضبوطات تماثيل صغيرة، أواني فخارية، عملات معدنية قديمة، تمائم، وأجزاء من مخطوطات. تشير التقديرات الأولية للخبراء إلى أن بعض هذه القطع تعود للعصور الفرعونية، وبعضها الآخر للعصور اليونانية الرومانية، بالإضافة إلى قطع من العصر القبطي والإسلامي. وتكمن أهمية هذه القطع في أنها تقدم رؤى جديدة حول الحياة اليومية والمعتقدات والفنون في تلك الفترات التاريخية، مما يثري فهمنا للتراث المصري العريق.
يتم حالياً فحص جميع القطع بدقة من قبل لجان متخصصة من وزارة السياحة والآثار لتوثيقها وتسجيلها وتحديد كيفية استعادتها وتضمينها ضمن مقتنيات المتاحف المصرية، بعد استكمال الإجراءات القانونية اللازمة.
سياق تهريب الآثار في مصر
تعتبر مصر واحدة من أغنى دول العالم بالآثار، مما يجعلها هدفاً دائماً لعصابات التنقيب غير المشروع والتهريب. تتغذى هذه الظاهرة على الطلب العالمي في السوق السوداء للآثار، حيث تُباع القطع بأسعار باهظة. وغالباً ما يقوم المتورطون بالتنقيب خلسة في المواقع الأثرية أو الأراضي الزراعية التي قد تخفي تحتها كنوزاً مدفونة، مما يتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها للمواقع الأثرية، بالإضافة إلى فقدان سياقها التاريخي.
يواجه المتورطون في هذه الجرائم عقوبات مشددة بموجب القانون المصري لحماية الآثار، والذي يهدف إلى الحفاظ على التراث القومي ومكافحة أي محاولة للاستيلاء عليه أو الاتجار به.
الجهود الوطنية والدولية لمكافحة الظاهرة
تتخذ الدولة المصرية إجراءات حاسمة ومستمرة لمكافحة ظاهرة تهريب الآثار، تشمل تشديد الرقابة الأمنية على المواقع الأثرية والمنافذ الحدودية، وتطوير أساليب الكشف عن القطع المهربة. كما تولي وزارة السياحة والآثار أهمية قصوى لرفع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الآثار وخطورة التنقيب غير الشرعي.
على الصعيد الدولي، تتعاون مصر بنشاط مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) واليونسكو والعديد من الدول لاستعادة القطع الأثرية المهربة وإعادة دمجها في موطنها الأصلي. وقد نجحت مصر في استعادة آلاف القطع الأثرية من الخارج بفضل هذه الجهود المشتركة، مما يؤكد التزامها بحماية إرثها الثقافي للأجيال القادمة.
الأهمية والتداعيات
لا تقتصر أهمية هذه العملية على استعادة 533 قطعة أثرية فحسب، بل تمثل رسالة قوية بأن السلطات المصرية جادة في مكافحة هذه الجريمة المنظمة. تساهم هذه الضبطيات في الحفاظ على الهوية الثقافية لمصر، وتعزز مكانتها كمهد للحضارة الإنسانية. كما أن نجاح هذه العمليات يمثل رادعاً قوياً للمتورطين في تجارة الآثار غير المشروعة، ويؤكد على أن التراث المصري ليس سلعة قابلة للمساومة أو البيع.



