أزمة دبلوماسية بين إيطاليا وروسيا بعد انهيار برج 'توري دي كونتي' التاريخي في روما
اندلعت أزمة دبلوماسية حادة بين روما وموسكو في أعقاب الانهيار الجزئي لبرج توري دي كونتي التاريخي الشهير في قلب العاصمة الإيطالية روما، والذي وقع في 3 نوفمبر 2025. جاء الحادث المأساوي في الوقت الذي كانت فيه شركة هندسية روسية تشرف على أعمال ترميم دقيقة للمَعلم الأثري، مما أدى إلى تصاعد التوتر واستدعاءات دبلوماسية فورية.

خلفية الحادث وتفاصيله
وقع الانهيار في ساعات الصباح الباكر، مما أدى إلى تساقط أجزاء كبيرة من الهيكل العلوي للبرج الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر. ولحسن الحظ، كانت المنطقة المحيطة بالموقع معزولة بالفعل كجزء من إجراءات السلامة المتبعة في مشروع الترميم، وهو ما حال دون وقوع إصابات بشرية. كانت أعمال الترميم جزءاً من مبادرة ثقافية مشتركة تم الاتفاق عليها بين إيطاليا وروسيا بهدف الحفاظ على التراث العالمي، وكانت ممولة جزئياً من قبل مؤسسة ثقافية روسية.
أفادت التقارير الأولية بأن التحقيقات ستركز على تقنيات التدعيم التي استخدمتها الشركة الروسية المتعاقدة، وما إذا كانت تتوافق مع المعايير الصارمة التي تفرضها هيئة التراث الثقافي الإيطالية. ويُعد البرج، الواقع بالقرب من المنتدى الروماني، أحد أبرز المعالم المعمارية في روما من العصور الوسطى، وقد صمد أمام زلازل وحروب على مدى قرون.
ردود الفعل الرسمية والمواقف الدبلوماسية
كان رد الفعل الإيطالي سريعاً وحازماً. وصفت وزارة الخارجية الإيطالية الحادث بأنه "كارثة ثقافية لا يمكن تبريرها"، وقامت على الفور باستدعاء السفير الروسي في روما لطلب توضيحات عاجلة وشاملة. من جانبه، أعلن وزير الثقافة الإيطالي عن فتح تحقيق فوري ومستقل، مؤكداً أن "أي إهمال يثبت تورطه سيواجه عواقب وخيمة". وأصدرت الحكومة الإيطالية قراراً بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالمشروع المشترك إلى حين انتهاء التحقيقات.
في المقابل، أعربت السفارة الروسية في روما عن "أسفها العميق" للحادث، مؤكدة على استعدادها للتعاون الكامل مع السلطات الإيطالية في التحقيق. ودعت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها إلى تجنب "الاتهامات المتسرعة"، واقترحت تشكيل لجنة تحقيق مشتركة لتحديد الأسباب الفنية الدقيقة التي أدت إلى انهيار البرج، مشددة على تاريخ التعاون الثقافي الطويل والمثمر بين البلدين.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
يمثل انهيار برج توري دي كونتي خسارة فادحة للتراث الإنساني، كما أنه يلقي بظلال من الشك على مستقبل المشاريع الثقافية الدولية المشتركة. وقد أثار الحادث جدلاً واسعاً حول معايير السلامة المتبعة في ترميم المواقع الأثرية الحساسة، خاصة عند إسنادها لشركات أجنبية. من المتوقع أن تكون لهذه الأزمة تداعيات قانونية ومالية معقدة، فضلاً عن تأثيرها السلبي على العلاقات الدبلوماسية بين إيطاليا وروسيا، والتي شهدت توترات في مجالات أخرى خلال السنوات الأخيرة. وينتظر الخبراء والمراقبون نتائج التحقيق الرسمي لتحديد المسؤوليات ورسم مسار الخطوات التالية.




