خبير روسي يحذر: غزو أمريكي محتمل لفنزويلا محفوف بالمخاطر
في تحليل يعكس التوترات الجيوسياسية المستمرة في أمريكا اللاتينية، حذر خبير عسكري روسي من أن أي تدخل عسكري أمريكي محتمل في فنزويلا لن يكون مهمة سهلة، بل سيواجه تحديات وعقبات كبيرة. يأتي هذا التحذير في سياق علاقات متوترة تاريخياً بين واشنطن وكاراكاس، والدور الروسي الداعم لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو.

خلفية التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا
تعود جذور الخلاف بين الولايات المتحدة وفنزويلا إلى سنوات مضت، لكنها تصاعدت بشكل حاد في العقد الأخير. فرضت واشنطن سلسلة من العقوبات الاقتصادية الصارمة على فنزويلا، بهدف الضغط على حكومة مادورو لإجراء تغييرات سياسية. وصلت التوترات إلى ذروتها في عام 2019 عندما اعترفت الولايات المتحدة والعديد من حلفائها بزعيم المعارضة آنذاك، خوان غوايدو، رئيساً مؤقتاً للبلاد. خلال تلك الفترة، تبنت الإدارة الأمريكية السابقة خطاباً متشدداً، وأكد مسؤولون كبار مراراً أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، مما أثار تكهنات واسعة حول احتمالية شن عمل عسكري.
موقف روسيا ودورها كحليف استراتيجي
تُعد روسيا واحدة من أبرز الحلفاء الدوليين لفنزويلا، حيث تقدم لها دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. طالما عارضت موسكو بشدة أي فكرة للتدخل العسكري الخارجي في الشؤون الفنزويلية، معتبرة إياه انتهاكاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ولم يقتصر الدعم الروسي على التصريحات الدبلوماسية، بل شمل أيضاً إرسال مستشارين عسكريين وتوقيع اتفاقيات تعاون تقني وعسكري، وهو ما تعتبره واشنطن عاملاً يزيد من تعقيد أي سيناريو للتدخل.
تحليل العوائق أمام أي تدخل عسكري
يشير الخبراء، ومن ضمنهم المحلل الروسي، إلى أن أي عملية غزو ستكون محفوفة بالمخاطر لعدة أسباب جوهرية، تتجاوز مجرد المقارنة بين القوتين العسكريتين. وتتضمن أبرز هذه العقبات ما يلي:
- المقاومة المنظمة: يمتلك الجيش الفنزويلي خبرة وقوة بشرية كبيرة، بالإضافة إلى وجود "الميليشيات البوليفارية"، وهي قوة مدنية مسلحة موالية للحكومة يُقدر عدد أفرادها بالملايين، مما يرجح سيناريو حرب عصابات طويلة الأمد ومقاومة شعبية واسعة.
 - الطبيعة الجغرافية: تتميز فنزويلا بتضاريس وعرة ومعقدة، من غابات كثيفة إلى مناطق جبلية ومدن مكتظة بالسكان. هذه البيئة الجغرافية ستوفر غطاءً للمقاتلين المحليين وتجعل العمليات العسكرية التقليدية للقوات المهاجمة أكثر صعوبة وكلفة.
 - التداعيات الإقليمية والدولية: من المرجح أن يواجه أي غزو إدانة دولية واسعة، وقد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها، مما يتسبب في أزمة لاجئين ضخمة على حدود دول مثل كولومبيا والبرازيل.
 - التكلفة الباهظة: ستكون التكلفة البشرية والمادية لمثل هذه الحرب باهظة جداً، ليس فقط خلال مرحلة الغزو، بل أيضاً في مرحلة ما بعد الصراع التي قد تتطلب وجوداً عسكرياً طويل الأمد لإعادة الاستقرار.
 
التطورات الأخيرة والوضع الراهن
على الرغم من أن حدة الخطاب المتعلق بالتدخل العسكري قد تراجعت في السنوات الأخيرة، خاصة مع تحول تركيز الإدارة الأمريكية الحالية نحو الدبلوماسية والمفاوضات، إلا أن التوترات الأساسية لا تزال قائمة. أصبحت المحادثات بين حكومة مادورو والمعارضة، بالإضافة إلى تخفيف بعض العقوبات النفطية مقابل خطوات نحو انتخابات حرة، هي محور السياسة الأمريكية الحالية. ومع ذلك، تبقى التحليلات حول صعوبة أي عمل عسكري بمثابة تذكير دائم بالتعقيدات التي تحكم المشهد الفنزويلي، وتوضح لماذا يظل الخيار الدبلوماسي هو المسار المفضل لدى معظم الأطراف الدولية.





