ترامب يصعّد لهجته ضد فنزويلا ويعتبر أيام مادورو معدودة
في تصعيد ملحوظ للخطاب الأمريكي تجاه الأزمة الفنزويلية، صرّح الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بأن أيام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في السلطة أصبحت "معدودة". جاءت هذه التصريحات في فترة حرجة من المواجهة السياسية بين واشنطن وكاراكاس، حيث لم يستبعد ترامب إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري، مما أثار قلقًا دوليًا واسعًا بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة.

خلفية الأزمة السياسية
تعود جذور التوتر إلى الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة التي تعصف بفنزويلا لسنوات. وقد بلغت الأزمة ذروتها عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2018، والتي قاطعتها المعارضة واعتبرتها أجزاء واسعة من المجتمع الدولي غير شرعية. على إثر ذلك، وفي أوائل عام 2019، أعلن رئيس الجمعية الوطنية خوان غوايدو نفسه رئيسًا مؤقتًا للبلاد، مستندًا إلى مواد في الدستور الفنزويلي، وسرعان ما حظي باعتراف ودعم من الولايات المتحدة وأكثر من خمسين دولة أخرى، مما خلق حالة من ازدواجية السلطة في البلاد.
تصعيد الضغوط الأمريكية
تبنت إدارة ترامب استراتيجية "الضغط الأقصى" بهدف إجبار مادورو على التنحي. شملت هذه الاستراتيجية فرض عقوبات اقتصادية قاسية استهدفت قطاع النفط الحيوي في فنزويلا، بالإضافة إلى كيانات حكومية ومسؤولين كبار في نظام مادورو. كانت تصريحات ترامب بأن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" جزءًا لا يتجزأ من هذه الحملة، حيث هدفت إلى زيادة الضغط النفسي والسياسي على حكومة كاراكاس. واعتبرت عبارته بأن أيام مادورو "معدودة" تتويجًا لهذه اللهجة الحادة، ورسالة واضحة بأن صبر واشنطن قد بدأ ينفد.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
أثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة على الساحة الدولية. فبينما رحبت بها المعارضة الفنزويلية كدليل على الدعم الأمريكي القوي، أثارت قلق العديد من الحلفاء الأوروبيين ودول أمريكا اللاتينية، التي كانت تفضل الحلول الدبلوماسية والسلمية للأزمة.
- أعربت دول مثل روسيا والصين وتركيا وكوبا، الداعمة لحكومة مادورو، عن إدانتها الشديدة لهذه التهديدات، معتبرة إياها تدخلًا سافرًا في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة وانتهاكًا للقانون الدولي.
 - حذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من عواقب أي تدخل عسكري، ودعيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والحوار.
 - مجموعة ليما، التي تضم عددًا من دول أمريكا اللاتينية، ورغم معارضتها لنظام مادورو، أبدت تحفظًا تجاه التلويح بالقوة العسكرية.
 
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذه التصريحات في أنها عكست مدى استعداد إدارة ترامب لاتخاذ مواقف متشددة في سياستها الخارجية، خاصة في أمريكا اللاتينية التي تعتبرها واشنطن فناءها الخلفي. على الصعيد الداخلي في فنزويلا، استغل نظام مادورو هذه التهديدات لحشد مؤيديه وتصوير الأزمة على أنها مؤامرة إمبريالية تقودها الولايات المتحدة للاستيلاء على ثروات البلاد النفطية. ورغم الضغوط الهائلة، تمكن مادورو من الحفاظ على ولاء المؤسسة العسكرية، وهو العامل الحاسم الذي أبقاه في السلطة حتى الآن، مما جعل الأزمة تدخل في حالة من الجمود الطويل الذي لا يزال مستمرًا بتعقيدات مختلفة.





