إدارة ترامب تخفض المساعدات الغذائية لـ42 مليون أميركي بسبب الإغلاق الحكومي
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر عام 2018 وأوائل عام 2019 فترة من عدم اليقين والقلق الشديدين طالت الملايين من مواطنيها، وذلك في ظل إعلان صادر عن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. ارتبط هذا الإعلان بتخفيضات محتملة أو اضطرابات كبيرة في برنامج المساعدات الغذائية الفيدرالي الحيوي، المعروف ببرنامج المساعدات الغذائية التكميلية (SNAP)، الذي كان يخدم ما يقرب من 42 مليون أميركي في تلك الفترة. جاء هذا التطور نتيجة مباشرة للإغلاق الحكومي الجزئي غير المسبوق الذي استمر لخمسة وثلاثين يومًا، مما أثار مخاوف واسعة النطاق بشأن الأمن الغذائي للفئات الأكثر ضعفًا في البلاد.

خلفية: برنامج المساعدات الغذائية التكميلية (SNAP)
يمثل برنامج المساعدات الغذائية التكميلية (SNAP)، الذي كان يُعرف سابقًا باسم «كوبونات الطعام»، حجر الزاوية في شبكة الأمان الاجتماعي الأمريكية. ويهدف هذا البرنامج الفيدرالي إلى مساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض في شراء الأطعمة الصحية والمغذية، وبالتالي التخفيف من حدة الجوع وسوء التغذية. تعتمد الأهلية للحصول على مزايا SNAP على معايير صارمة تتعلق بالدخل والأصول وحجم الأسرة، ويتم تقديم المساعدات عبر بطاقات تحويل المنافع الإلكترونية (EBT) التي يمكن استخدامها في المتاجر لشراء المواد الغذائية المؤهلة. يُعد هذا البرنامج شريان حياة لملايين الأميركيين، بما في ذلك الأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والعاملون بأجور منخفضة، ويلعب دورًا حاسمًا في دعم المجتمعات المحلية والاقتصاد.
خلفية: الإغلاق الحكومي لعام 2018-2019
دخلت الحكومة الفيدرالية الأمريكية في إغلاق جزئي بدأ في 22 ديسمبر 2018 واستمر حتى 25 يناير 2019، ليصبح الأطول في تاريخ البلاد. نشأ هذا الإغلاق نتيجة لخلاف سياسي حاد بين إدارة ترامب والكونغرس حول تمويل بناء جدار على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. وخلال هذه الفترة، توقفت العديد من الوكالات الفيدرالية عن العمل، وتم إجازة مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، بينما عمل آخرون بدون أجر. أثر الإغلاق على مجموعة واسعة من الخدمات الحكومية، من الإدارة الضريبية إلى صيانة المتنزهات الوطنية، ولكن أحد أكثر التأثيرات إثارة للقلق كان التهديد الذي واجهته برامج المساعدات الاجتماعية الحيوية، وعلى رأسها SNAP، بسبب انقضاء مخصصات التمويل.
تفاصيل التأثير على المساعدات الغذائية
مع استمرار الإغلاق الحكومي، ظهرت مخاوف جدية بشأن قدرة وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، وهي الوكالة المشرفة على SNAP، على دفع استحقاقات البرنامج للمستفيدين. ولتجنب انقطاع فوري، أعلنت إدارة ترامب ووزارة الزراعة الأمريكية في يناير 2019 عن خطة لتسريع صرف استحقاقات شهر فبراير 2019. وبموجب هذا الإجراء، تم تحويل جميع مزايا فبراير إلى حسابات المستفيدين قبل 20 يناير 2019، أي قبل الموعد المعتاد بكثير، وذلك باستخدام الأموال المتبقية التي كانت متاحة قبل انتهاء صلاحيتها. ورغم أن هذه الخطوة منعت انقطاعًا فوريًا، إلا أنها خلقت تحديات ومخاوف كبيرة:
- التمويل غير المؤكد للمستقبل: ضمنت هذه الخطوة استحقاقات فبراير فقط. إذا استمر الإغلاق إلى ما بعد يناير، لم تكن هناك ضمانات لتمويل مزايا مارس وما بعده، مما خلق حالة من عدم اليقين الشديد للملايين من الأسر.
 - التحديات الإدارية: أثر تسريح الموظفين الفيدراليين على قدرة مكاتب الولايات على معالجة الطلبات الجديدة، أو تجديد أهلية المستفيدين الحاليين، أو إجراء عمليات التحقق اللازمة. أدى هذا إلى تأخيرات كبيرة وربما فقدان البعض لفرصة الحصول على المساعدة بسبب عدم القدرة على استكمال الإجراءات.
 - ضغط ميزانية الأسر: اضطرت العائلات إلى إدارة ميزانية شهرين من المساعدات الغذائية (يناير وفبراير) في غضون أسابيع قليلة، مما وضع ضغوطًا هائلة على خططها المالية وقدرتها على توفير الغذاء على المدى الطويل.
 - العدد المتأثر: كان الرقم 42 مليون أميركي يمثل إجمالي عدد المستفيدين من برنامج SNAP في ذلك الوقت تقريبًا. وهؤلاء هم الأفراد الذين تعرضت سبل عيشهم ودعمهم الغذائي للخطر أو التعقيد بسبب الإغلاق وتداعياته الإدارية والمالية.
 
ردود الفعل والمخاوف
أثارت هذه التطورات موجة من ردود الفعل القوية ومخاوف عميقة عبر الطيف الاجتماعي والسياسي:
- المستفيدون: عبر ملايين المستفيدين عن قلقهم وخوفهم من عدم قدرتهم على توفير الطعام لعائلاتهم، مشيرين إلى الارتباك بشأن مواعيد الصرف وكيفية إدارة أموالهم.
 - مراكز وبنوك الطعام: حذرت المنظمات غير الربحية التي تدير بنوك ومراكز الطعام من زيادة هائلة في الطلب، مشيرة إلى أنها قد لا تكون قادرة على تلبية احتياجات جميع المتضررين، ودعت إلى زيادة التبرعات.
 - منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان: أدانت هذه المنظمات استخدام برامج شبكة الأمان كأداة في المفاوضات السياسية، مؤكدة على أن الفئات الأكثر ضعفًا هي من تدفع الثمن.
 - السياسيون: انتقد الديمقراطيون إدارة ترامب بشدة لتحميل المواطنين العاديين، وخاصة الفقراء، عواقب الخلافات السياسية. بينما أكد الجمهوريون على الحاجة إلى إنهاء الإغلاق، لكن بعضهم دافع عن الإجراءات الإدارية المتخذة لتخفيف الأثر المباشر.
 - وكالات الولايات: واجهت وكالات الخدمات الاجتماعية في الولايات تحديات لوجستية وإدارية هائلة في التعامل مع المدفوعات المبكرة والتواصل مع المستفيدين في ظل نقص التوجيهات والموظفين الفيدراليين.
 
التداعيات والدروس المستفادة
على المدى القصير، زاد الإغلاق الحكومي وتأثيره على SNAP من مستويات التوتر والقلق لدى الأسر التي تعتمد على هذه المساعدات. أُجبرت العديد من الأسر على البحث عن موارد غذائية بديلة، مما زاد الضغط على بنوك الطعام والجمعيات الخيرية. كما أثرت هذه الأزمة على الاقتصادات المحلية التي تعتمد جزئيًا على الإنفاق المرتبط ببطاقات SNAP.
انتهى الإغلاق الحكومي في 25 يناير 2019، مما أدى إلى استئناف التمويل الفيدرالي وعودة الخدمات إلى طبيعتها تدريجيًا. ورغم أن الأزمة المباشرة قد حُلت، إلا أن هذه الفترة أبرزت مدى ترابط حياة المواطنين اليومية بالقرارات السياسية على المستوى الفيدرالي. كما كشفت عن هشاشة شبكات الأمان الاجتماعي في مواجهة الجمود السياسي، وسلطت الضوء على الأهمية الحيوية لوجود خطط طوارئ قوية لحماية الفئات الضعيفة.
الخاتمة
يمثل إعلان إدارة ترامب بشأن المساعدات الغذائية لـ42 مليون أميركي خلال الإغلاق الحكومي لحظة فارقة أظهرت كيف يمكن للمماحكات السياسية أن تحمل تداعيات إنسانية عميقة. فقد واجه ملايين المواطنين الأميركيين حالة من عدم اليقين بشأن حصولهم على أبسط حقوقهم الأساسية: الغذاء. وعلى الرغم من أن الأزمة المباشرة قد انتهت، إلا أن الدروس المستفادة من تلك الفترة تظل تذكيرًا قويًا بضرورة حماية شبكات الأمان الاجتماعي وضمان استمراريتها في جميع الظروف.




