مستشار لترامب يكشف عن مساعٍ للتوصل إلى هدنة إنسانية في السودان
في تطور لافت للأزمة السودانية، أعلن مسعد بولس، وهو رجل أعمال ومستشار للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عن قيادته جهودًا للتوسط في هدنة إنسانية بين طرفي الصراع في السودان. وتأتي هذه المساعي في وقت وصلت فيه الجهود الدبلوماسية الرسمية إلى طريق مسدود، بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية التي تعصف بالملايين في البلاد.

تفاصيل المبادرة الجديدة
أكد بولس، وهو رجل أعمال أمريكي من أصل لبناني، أنه يجري اتصالات مباشرة مع قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). وذكر أن الهدف الأساسي من هذه المباحثات هو التوصل إلى وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية يسمح بإيصال المساعدات العاجلة للمدنيين المتضررين من القتال المستمر.
وأوضح بولس في تصريحات صحفية أن تحركه يحظى بمباركة من الرئيس السابق ترامب، لكنه شدد على أن هذه المبادرة غير رسمية ولا تمثل الإدارة الأمريكية الحالية. وتُعد هذه الخطوة مثالاً على ما يُعرف بـ "الدبلوماسية الموازية"، حيث تنشط شخصيات سياسية غير رسمية في ملفات السياسة الخارجية، خاصة في ظل الاستقطاب السياسي الذي تشهده الولايات المتحدة قبيل انتخاباتها الرئاسية.
خلفية الصراع والأزمة الإنسانية
اندلع النزاع في السودان في أبريل 2023 نتيجة تصاعد التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وهما المكونان العسكريان الرئيسيان اللذان كانا شريكين في السلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير. وسرعان ما تحول الصراع إلى حرب شاملة تركزت في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، خاصة في إقليم دارفور.
وقد أدت الحرب إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، حيث تشير التقارير الأممية إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص داخلياً وخارجياً. كما يواجه ما يقرب من 25 مليون سوداني، أي نصف سكان البلاد، خطر الجوع الحاد، مما يجعلها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وقد فشلت جولات تفاوضية عديدة، أبرزها "منبر جدة" الذي قادته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.
الأبعاد السياسية والدلالات
تكتسب مبادرة بولس أهمية خاصة بسبب توقيتها وارتباطها بالسياسة الداخلية الأمريكية. ففي حين أن الإدارة الحالية بقيادة الرئيس جو بايدن لديها مبعوث خاص للسودان، هو توم بيرييلو، الذي يبذل جهوداً دبلوماسية رسمية، يأتي تحرك مستشار ترامب كقناة اتصال بديلة قد تكون لها تأثيرات مستقبلية في حال فوز ترامب في الانتخابات المقبلة.
ويرى مراقبون أن هذه الجهود قد تهدف إلى إظهار قدرة فريق ترامب على تحقيق اختراقات في السياسة الخارجية، ولكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات حول مدى التنسيق مع القنوات الرسمية لتجنب تضارب الرسائل. وحتى الآن، لم تصدر ردود فعل رسمية واضحة من طرفي الصراع في السودان تجاه هذه المبادرة، ويبقى نجاحها مرهوناً بمدى جديتهما في التوصل إلى حل ووقف نزيف الدماء في البلاد.




