إدارة ترامب تقيد وصول الصحفيين إلى أجزاء من المكتب الإعلامي بالبيت الأبيض
خلال فترة رئاسته، اتخذت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سلسلة من الإجراءات التي قيدت بشكل ملحوظ وصول الصحفيين وحركتهم داخل البيت الأبيض. هذه الخطوات، التي تضمنت منع المراسلين من دخول مناطق معينة وتقليص الشفافية، أثارت جدلاً واسعاً حول حرية الصحافة والعلاقة بين السلطة التنفيذية والإعلام.

خلفية التوتر بين الإدارة والإعلام
جاءت هذه القيود في سياق علاقة متوترة بين الرئيس ترامب ووسائل الإعلام الرئيسية. منذ حملته الانتخابية، دأب ترامب على مهاجمة المؤسسات الإخبارية التي اعتبرها معارضة له، واصفاً تقاريرها بـ"الأخبار الكاذبة" والإعلام بـ"عدو الشعب". وقد شكل هذا الخطاب العدائي أساساً للسياسات التي استهدفت لاحقاً تقليص دور الصحافة التقليدية كوسيط بين الإدارة والجمهور، مفضلاً التواصل المباشر عبر منصات التواصل الاجتماعي.
أبرز القيود المفروضة على الصحفيين
تجسدت سياسة الإدارة تجاه الإعلام في عدة وقائع وإجراءات عملية غيرت من طبيعة العمل الصحفي داخل البيت الأبيض، وخرجت عن الأعراف التي سارت عليها الإدارات السابقة. من أبرز هذه الإجراءات:
- الاستبعاد من الإحاطات الإعلامية: في حادثة شهيرة وقعت في فبراير 2017، قام البيت الأبيض، في عهد المتحدث باسمه آنذاك شون سبايسر، بمنع مراسلي عدد من كبرى المؤسسات الإعلامية مثل "سي إن إن" و"نيويورك تايمز" و"بي بي سي" من حضور إحاطة إعلامية غير متلفزة. بررت الإدارة قرارها بالرغبة في إشراك عدد أكبر من المنافذ الإعلامية في مساحة مكتبية صغيرة، لكن النقاد أشاروا إلى أن المنافذ الإعلامية الموالية للإدارة سُمح لها بالدخول، مما أثار اتهامات بأن الخطوة كانت عقابية.
- حظر الأجهزة الشخصية: مع بداية عام 2018، فرضت الإدارة حظراً على استخدام الهواتف المحمولة الشخصية في منطقة عمل الصحفيين المعروفة باسم "البريس العلوي" بالقرب من الجناح الغربي. تم تبرير هذا الإجراء بدواعي تعزيز الأمن السيبراني ومنع تسريب المعلومات الحساسة. إلا أن الصحفيين اعتبروا أن هذا القرار يعرقل قدرتهم على التواصل الفوري مع غرف الأخبار وأداء مهامهم بفاعلية.
- تقليص الإحاطات اليومية: شهدت فترة إدارة ترامب تراجعاً كبيراً في وتيرة الإحاطات الصحفية اليومية المتلفزة التي كانت تقليداً راسخاً في البيت الأبيض. أصبحت هذه الإحاطات أقل انتظاماً وأقصر مدة، مما حد من فرص الصحفيين لطرح أسئلة مباشرة على المتحدثين الرسميين باسم الإدارة والحصول على إجابات حول سياسات وقرارات الرئيس.
ردود الفعل والتأثير على التغطية الإعلامية
قوبلت هذه الإجراءات بإدانة واسعة من المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة. واحتجت رابطة مراسلي البيت الأبيض (WHCA) مراراً على ما اعتبرته محاولات لتقويض عمل الصحافة المستقلة، مؤكدة على أهمية ضمان وصول متساوٍ لجميع المراسلين. كما أظهر الصحفيون تضامناً فيما بينهم، حيث قاطع مراسلو وكالة "أسوشيتد برس" ومجلة "تايم" الإحاطة التي مُنع زملاؤهم من حضورها في عام 2017.
على المدى الطويل، أدت هذه القيود إلى خلق بيئة عمل صعبة للمراسلين المعتمدين في البيت الأبيض، ودفعتهم للاعتماد بشكل أكبر على مصادر غير رسمية. وقد فُسرت هذه السياسات على نطاق واسع بأنها استراتيجية تهدف إلى السيطرة على الرواية الإعلامية، ومعاقبة التغطية النقدية، ومكافأة وسائل الإعلام التي تقدم تغطية إيجابية للإدارة.




