إنجاز طبي: سيدة تعود للمشي بعد 10 سنوات بفضل الهيكل الروبوتي الخارجي
في تطور طبي لافت، استطاعت سيدة أردنية استعادة قدرتها على المشي مجدداً بعد مرور أكثر من عشرة أعوام على فقدانها إياها بسبب ورم خبيث في العمود الفقري. هذا الإنجاز المهم تحقق بفضل استخدام هيكل روبوتي خارجي متقدم، ما يفتح آفاقاً جديدة للمرضى الذين يعانون من الشلل النصفي أو ضعف الأطراف السفلية.

وقد انتشرت قصة السيدة رياض موسى على نطاق واسع في أواخر عام 2023 ومطلع 2024، حيث ألهمت الكثيرين بصمودها وتصميمها على استعادة جزء كبير من استقلاليتها. كانت السيدة موسى قد أُصيبت بورم في عمودها الفقري أدى إلى شللها قبل حوالي 12 عامًا، لتصبح بعدها مقعدة على كرسي متحرك، ما أثر بشكل كبير على جودة حياتها اليومية والنفسية.
خلفية المعاناة وتحديات الشلل
تعود معاناة السيدة رياض موسى إلى حوالي عام 2011، عندما تم تشخيص إصابتها بورم سرطاني في النخاع الشوكي. وعلى الرغم من تلقيها العلاج، إلا أن الورم أثر بشكل كبير على وظائفها الحركية، مما أدى إلى فقدانها القدرة على تحريك أطرافها السفلية والمشي. هذه الحالة، التي تُعرف بالشلل النصفي، فرضت عليها تحديات جسيمة في حياتها اليومية، من الاعتماد على الآخرين في مهام بسيطة إلى القيود النفسية والاجتماعية.
لقد أثر الشلل ليس فقط على قدرتها الجسدية، بل على جودتها المعيشية بشكل عام. وكما هو الحال مع العديد من الأفراد الذين يعيشون مع إعاقات حركية طويلة الأمد، كانت رياض تواجه صعوبات مستمرة في التنقل، أداء المهام اليومية، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، مما يبرز الحاجة الماسة للبحث عن حلول مبتكرة لتحسين نوعية حياتهم ودمجهم بشكل أفضل في المجتمع.
دور الهيكل الروبوتي الخارجي في التأهيل
جاء الأمل للسيدة موسى على شكل هيكل روبوتي خارجي (Exoskeleton)، وهو جهاز آلي يُلبس حول الساقين والجذع لمساعدة الأفراد الذين يعانون من ضعف أو شلل في الأطراف السفلية على الوقوف والمشي. وتعتبر تقنيات الهياكل الروبوتية الخارجية ثورة في مجال التأهيل والعلاج الطبيعي، حيث تعمل على محاكاة حركة المشي الطبيعية، مما يسمح للمرضى بالقيام بخطوات منتظمة ومستقرة.
في حالة رياض، استخدمت جهاز ReWalk (ريووك)، وهو أحد الأنظمة الرائدة عالمياً في هذا المجال. يتكون الجهاز من دعامات آلية للمفاصل، ومستشعرات حساسة للحركة، بالإضافة إلى بطارية ومجموعة تحكم محمولة. يقوم المستخدم بتوجيه الجهاز عبر حركات طفيفة في الجذع، أو باستخدام أزرار تحكم، ليقوم الهيكل بتحريك الساقين بشكل متزامن ومنظم، مما يمنح المستخدم شعوراً بالتحكم والقدرة على المشي.
- التقنية الأساسية: تعتمد هذه الأجهزة على خوارزميات معقدة لمعالجة البيانات من المستشعرات، مما يسمح لها بالتكيف مع نية المستخدم في الحركة وتوفير الدعم اللازم لكل خطوة.
- التدريب المكثف: تتطلب عملية استخدام الهيكل الروبوتي تدريباً مكثفاً وإشرافاً طبياً متخصصاً، بما في ذلك جلسات علاج طبيعي مكثفة، لضمان الاستخدام الآمن والفعال، فضلاً عن تقوية العضلات المتبقية وتحسين التوازن والتنسيق.
- الفوائد المتعددة: إلى جانب استعادة القدرة على المشي، تساهم هذه الأجهزة في تحسين الدورة الدموية، تقليل مخاطر تقرحات الفراش، تعزيز صحة العظام وكثافتها، وتحسين الحالة النفسية بشكل كبير من خلال استعادة الاستقلالية والثقة بالنفس.
تأثير الخبر وآفاق المستقبل
إن قصة رياض موسى ليست مجرد قصة فردية للتعافي، بل هي شهادة على قوة الابتكار في مجال الرعاية الصحية والأمل الذي يمكن أن توفره التكنولوجيا للمرضى. لقد أعادت هذه التجربة لها جزءاً كبيراً من استقلاليتها، وسمحت لها بالقيام بأنشطة كانت تبدو مستحيلة في السابق، مثل الوقوف والتنقل بحرية داخل منزلها وخارجه.
يمثل هذا الإنجاز نقطة مضيئة في مسيرة تطوير الأجهزة المساعدة والتأهيل الطبي، ويسلط الضوء على:
- الأمل للملايين: يمكن أن تمنح هذه التقنيات الأمل لملايين الأشخاص حول العالم الذين يعيشون مع إصابات العمود الفقري، الشلل الدماغي، السكتة الدماغية، أو غيرها من الحالات التي تؤثر على المشي، مقدمةً لهم فرصة جديدة للعيش بجودة أفضل.
- تطوير مستمر: يستمر البحث والتطوير في هذا المجال لإنتاج أجهزة أخف وزناً، أكثر مرونة، وأقل تكلفة، مما يجعلها في متناول عدد أكبر من المرضى وتزيد من قابلية استخدامها في البيئات اليومية.
- التأثير النفسي والاجتماعي: بالإضافة إلى الفوائد الجسدية، فإن استعادة القدرة على المشي تساهم بشكل كبير في تحسين الصحة النفسية والاجتماعية للمرضى، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم واندماجهم في المجتمع، مما يؤدي إلى تحسن شامل في نوعية حياتهم.
تؤكد هذه القصة على أن حدود المستحيل تتقلص باستمرار بفضل التقدم العلمي والالتزام بالبحث عن حلول مبتكرة لتحسين حياة البشر، مما يعزز دور التكنولوجيا كشريك أساسي في الرعاية الصحية الحديثة.




