إندونيسيا تؤكد حظر مشاركة إسرائيليين ببطولة عالمية للجمباز
دافعت الحكومة الإندونيسية بقوة عن قرارها بمنع الوفد الإسرائيلي من المشاركة في إحدى البطولات الدولية الكبرى للجمباز الفني، والتي كانت مقررة في العاصمة جاكرتا في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023. هذا القرار، الذي تضمن رفض منح تأشيرات دخول للرياضيين الإسرائيليين، أثار جدلاً واسعاً حول العلاقة بين السياسة والرياضة، ومسؤولية الدول المضيفة تجاه المبادئ الأولمبية لعدم التمييز.

السياق والخلفية
تتمسك إندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، منذ فترة طويلة بموقف ثابت يتمثل في عدم الاعتراف بإسرائيل، وتقديم دعم قوي للقضية الفلسطينية. تستند هذه السياسة إلى دستور البلاد لعام 1945، الذي يدعو إلى مناهضة الاستعمار ويؤكد مبدأ السيادة الوطنية. على الرغم من الضغوط الدولية، لم تقم إندونيسيا بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وتنعكس هذه السياسة بانتظام على مشاركة الرياضيين الإسرائيليين في الأحداث التي تستضيفها البلاد.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها إندونيسيا مثل هذا القرار. ففي مارس/آذار 2023، فقدت إندونيسيا حقوق استضافة كأس العالم تحت 20 عاماً لكرة القدم، بعد رفضها استضافة المنتخب الإسرائيلي. كما اضطرت ل إلغاء دورة الألعاب العالمية الشاطئية التابعة لاتحاد اللجان الأولمبية الوطنية (ANOC World Beach Games) في بالي، والتي كانت مقررة في أغسطس/آب 2023، لنفس السبب، مما أثار تساؤلات جدية حول قدرتها على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى دون تدخل سياسي.
التطورات الأخيرة
جاء قرار منع مشاركة الوفد الإسرائيلي في بطولة الجمباز الفني، والتي كانت جزءاً من سلسلة كأس العالم للجمباز الفني وتعتبر حدثاً مؤهلاً للأولمبياد، استمراراً لهذا النمط. أكدت وزارة الخارجية الإندونيسية ومسؤولون رياضيون أن السياسة الوطنية تجاه إسرائيل لا تزال ثابتة وأنها لا تستطيع التراجع عنها. واعتبرت جاكرتا أن منح التأشيرات للرياضيين الإسرائيليين سيتعارض مع مبادئها الدستورية والتزامها بدعم فلسطين.
أصر المسؤولون الإندونيسيون على أن قرارهم ليس موجهاً ضد الرياضة أو الرياضيين بحد ذاتهم، بل هو تعبير عن موقف سياسي سيادي يعكس الإجماع الوطني. ومع ذلك، أثار هذا الموقف انتقادات من الاتحادات الرياضية الدولية التي تدعو إلى الفصل بين السياسة والرياضة.
ردود الفعل والتداعيات
أعرب الاتحاد الدولي للجمباز (FIG) عن قلقه إزاء الموقف الإندونيسي، مؤكداً على مبدأ الحياد السياسي في الرياضة وضرورة ضمان مشاركة جميع الرياضيين المؤهلين بغض النظر عن جنسيتهم. وحذر الاتحاد من أن التدخلات السياسية يمكن أن تضر بسمعة الدولة المضيفة وتعيق تطور الرياضة. دعت الهيئات الرياضية الدولية إلى ضرورة التزام الدول المضيفة بتعهداتها وضمان بيئة شاملة وعادلة للجميع.
من جانبها، أعربت إسرائيل عن خيبة أملها وأدانت القرار الإندونيسي، واصفة إياه بالتمييزي ودعياً الهيئات الرياضية الدولية إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الدول التي تسمح بالتدخل السياسي في الأحداث الرياضية. ترى إسرائيل أن مثل هذه القرارات تحرم الرياضيين من فرصهم في المنافسة العادلة وتمثل خرقاً للروح الرياضية.
إن استمرار إندونيسيا في حظر مشاركة الرياضيين الإسرائيليين يضعها في موقف حرج على الساحة الرياضية الدولية. فمع إلغاء استضافتها لأحداث سابقة، تتزايد التساؤلات حول قدرتها على استضافة أي فعاليات رياضية عالمية في المستقبل دون مواجهة تحديات مماثلة. هذا الموقف قد يؤثر على فرص الرياضيين الإندونيسيين أنفسهم في استضافة أحداث كبرى في بلادهم.
لماذا يهم هذا الخبر
تكتسب هذه القضية أهمية خاصة لأنها تسلط الضوء على التقاطع المعقد بين السياسة والرياضة في عالم اليوم. ففي حين تسعى المنظمات الرياضية الدولية إلى عزل الأحداث عن الصراعات السياسية، فإن الدول المضيفة غالباً ما تجد نفسها مضطرة للموازنة بين التزاماتها الدولية وسياساتها الداخلية ومواقفها الجيوسياسية. يختبر هذا الوضع مبادئ الحياد الرياضي وعدم التمييز، ويؤثر بشكل مباشر على مسيرة الرياضيين الذين يكرسون حياتهم للمنافسة.
تُظهر هذه التطورات أن النزاعات السياسية العميقة يمكن أن يكون لها تداعيات ملموسة على الساحة الرياضية، مما يؤثر على الفرص المتاحة للرياضيين ويثير تساؤلات حول مستقبل استضافة الأحداث الدولية في المناطق التي تشهد توترات سياسية.





