إنفيديا وأوراكل توحّدان الجهود لبناء أكبر حاسوب فائق للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة
في خطوةٍ استراتيجيةٍ رائدة، أعلنت شركتا إنفيديا وأوراكل، بالتعاون مع وزارة الطاقة الأمريكية، عن مشروعٍ طموحٍ لبناء ما يُتوقع أن يكون أكبر حاسوبٍ فائقٍ مخصصٍ للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة. يحمل هذا الحاسوب اسم "سولستيس" (Solstice)، ويأتي ضمن مسعى حكومي أوسع لتعزيز الريادة الأمريكية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وتسريع وتيرة الابتكار العلمي. وقد كُشِف عن تفاصيل هذا التعاون في أواخر عام 2023، مما يمثل علامة فارقة في تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

التعاون والأهداف الاستراتيجية
يُجسد هذا التعاون نموذجًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث تُسهم كل شركة بخبراتها التخصصية لدفع حدود الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. تتولى شركة إنفيديا، الرائدة عالميًا في مجال الحوسبة المتسارعة، مهمة توفير الشرائح الفائقة ووحدات معالجة الرسوميات (GPUs) المتقدمة، وبالأخص وحدات NVIDIA GH200 Grace Hopper Superchips، التي تُعد القلب النابض لأداء الذكاء الاصطناعي المتفوق. في المقابل، تُقدم شركة أوراكل، من خلال بنيتها التحتية السحابية (OCI)، البيئة اللازمة لاستضافة وتشغيل هذا الحاسوب الفائق، موفرةً مرونة وقابلية للتوسع لا مثيل لهما. أما وزارة الطاقة الأمريكية، فتُشرف على تحديد الأهداف البحثية وتوجيه استخدامات "سولستيس" لخدمة المصالح الوطنية العليا.
تتمحور الأهداف الرئيسية لمشروع "سولستيس" حول تسريع البحوث في عدد من المجالات الحيوية، وتشمل:
- الأمن القومي: تعزيز القدرات الدفاعية والاستخباراتية من خلال تحليل البيانات الضخمة، وتطوير أنظمة محاكاة متقدمة، وتحسين أمن الفضاء الإلكتروني.
 - أبحاث الطاقة: دفع الابتكار في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، مثل أبحاث الاندماج النووي، وتصميم مواد جديدة لتحسين كفاءة الطاقة، وتطوير نماذج مناخية أكثر دقة.
 - العلوم التطبيقية: تسريع الاكتشافات في مجالات مثل علوم المواد، وعلم الجينوم، وتطوير الأدوية، والفيزياء الفلكية، من خلال القدرات الحسابية الهائلة التي يوفرها الحاسوب الفائق.
 
الجانب التقني: قوة "سولستيس"
يُصمم حاسوب "سولستيس" ليكون قوةً حاسوبيةً غير مسبوقة، مُصممًا خصيصًا لمتطلبات الذكاء الاصطناعي الأكثر تطلبًا. سيتم دمج الآلاف من وحدات NVIDIA GH200 Grace Hopper Superchips، التي تجمع بين معالجات Nvidia Grace CPU ومعالجات Hopper GPU في وحدة واحدة فائقة، لتوفير أداء حوسبي هائل وكفاءة في استهلاك الطاقة. تُعتبر هذه الشرائح أساسية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة، التي تتطلب قدرات حسابية غير مسبوقة لمعالجة وتحليل مجموعات بيانات هائلة.
ستوفر البنية التحتية السحابية لأوراكل (OCI) الأساس المتين والموزع لتشغيل "سولستيس". تسمح هذه البنية المرنة للحاسوب الفائق بالتوسع حسب الحاجة، وتوفر قدرات شبكات فائقة السرعة، وتخزينًا آمنًا للبيانات، وهو ما يُعد ضروريًا لتشغيل أعباء عمل الذكاء الاصطناعي المعقدة بكفاءة وفعالية. يُتوقع أن يكون "سولستيس" قادرًا على إجراء مليارات العمليات الحسابية في الثانية، مما يضعه في طليعة الحواسيب الفائقة عالميًا.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
يمثل إطلاق مشروع "سولستيس" استثمارًا حيويًا في مستقبل الابتكار الأمريكي. فمع تصاعد التنافس العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، تُدرك الولايات المتحدة أهمية امتلاك بنية تحتية حاسوبية قوية ومتطورة لضمان استمرار ريادتها. سيوفر هذا الحاسوب الفائق للباحثين والعلماء في القطاعين العام والخاص أداة لا تقدر بثمن لإجراء تجارب ومحاكاة لم تكن ممكنة من قبل، مما سيؤدي إلى اكتشافات علمية جديدة وتطوير حلول مبتكرة للتحديات الكبرى التي تواجه البشرية.
علاوة على ذلك، يُتوقع أن يكون لمشروع "سولستيس" تأثيرات اقتصادية واسعة النطاق، من خلال تحفيز النمو في قطاع التكنولوجيا، وخلق فرص عمل جديدة، وجذب الاستثمارات. كما أنه سيُعزز مكانة الولايات المتحدة كمركز عالمي لأبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، ويُشكل ركيزة أساسية في استراتيجية البلاد الشاملة لضمان التفوق التكنولوجي في عصر الذكاء الاصطناعي.
بصفته أكبر حاسوب فائق مخصص للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، سيُمهد "سولستيس" الطريق أمام جيل جديد من التطبيقات والابتكارات، ويُعزز القدرة على فهم وتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تعقيدًا وقوة، مما يفتح آفاقًا جديدة في مختلف المجالات العلمية والصناعية.





