اجتماع رباعي في واشنطن لدعم مسار الحكم المدني في السودان
في خطوة دبلوماسية تهدف إلى إعادة إحياء المسار السياسي المتجمد في السودان، استضافت العاصمة الأمريكية واشنطن مؤخراً اجتماعاً مهماً لـ«المجموعة الرباعية»، التي تضم كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر. تركزت المباحثات على تنسيق الجهود الدولية لإنهاء الصراع المدمر الدائر في البلاد منذ أكثر من عام، ودفع الأطراف المتحاربة نحو العودة إلى طاولة المفاوضات لتشكيل حكومة مدنية انتقالية.

خلفية الأزمة المتصاعدة
يأتي هذا التحرك الدبلوماسي في ظل استمرار الحرب الطاحنة التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). هذا الصراع، الذي بدأ في العاصمة الخرطوم وسرعان ما امتد إلى مناطق أخرى، قضى على آمال السودانيين في تحقيق انتقال ديمقراطي سلس بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في عام 2019. وقد أدى الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021 إلى تقويض الشراكة الهشة بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية، مما مهد الطريق أمام اندلاع الصراع الحالي الذي تسبب في أزمة إنسانية كارثية، حيث نزح الملايين من ديارهم ويواجهون خطر المجاعة.
أهداف الاجتماع ومحاوره الرئيسية
سعت دول «الرباعية» خلال اجتماعها إلى توحيد رؤيتها وبلورة استراتيجية مشتركة للتعامل مع الأزمة السودانية. تمثلت الأهداف الرئيسية في عدة نقاط محورية:
- وقف إطلاق النار: ممارسة ضغط منسق على طرفي النزاع للتوصل إلى وقف فوري وشامل للأعمال العدائية كخطوة أولى نحو حل سياسي.
 - منع التدخل الخارجي: ناقش المجتمعون سبل كبح تدفق الأسلحة والدعم المالي والسياسي الذي تحصل عليه الأطراف المتحاربة من جهات خارجية، والذي يسهم في إطالة أمد الحرب.
 - تنسيق المبادرات الدبلوماسية: العمل على توحيد المبادرات الإقليمية والدولية المختلفة، مثل منبر جدة ومبادرات الاتحاد الأفريقي، لتجنب تضارب الجهود وتقديم جبهة دولية موحدة.
 - دعم العملية السياسية: التأكيد على ضرورة إطلاق حوار سوداني-سوداني شامل يضم كافة القوى المدنية والسياسية، بهدف الاتفاق على ترتيبات دستورية تفضي إلى فترة انتقالية يقودها مدنيون.
 
أهمية الدور الرباعي والتحديات القائمة
تكمن أهمية هذا التحرك في أن الدول الأربع المشاركة تمتلك نفوذاً كبيراً على الساحة السودانية. فالولايات المتحدة تستخدم أدواتها الدبلوماسية وتفرض عقوبات على معرقلي السلام، بينما لعبت السعودية والإمارات دوراً محورياً في استضافة محادثات جدة سابقاً، ولديهما علاقات مع طرفي الصراع. من جانبها، تعتبر مصر جارة استراتيجية للسودان ولها مصالح أمنية واقتصادية عميقة في استقراره. إن توحيد مواقف هذه الدول يبعث برسالة قوية إلى الجنرالات المتحاربين مفادها أن المجتمع الدولي لن يقبل باستمرار الوضع الراهن.
على الرغم من هذه الجهود، لا تزال الطريق نحو السلام محفوفة بالتحديات. فكلا الطرفين يعتقد بإمكانية تحقيق نصر عسكري حاسم، مما يقلل من استعدادهما لتقديم تنازلات حقيقية. كما أن الانقسامات داخل القوى المدنية السودانية تضعف موقفها التفاوضي. ويبقى نجاح مبادرة «الرباعية» مرهوناً بمدى قدرتها على ترجمة مخرجات اجتماعاتها إلى ضغوط فعلية وملموسة على الأرض لإجبار الأطراف على الجلوس إلى طاولة الحوار وإنهاء معاناة الشعب السوداني.





