بولس: الرباعية تضع خارطة طريق لإنهاء الأزمة السودانية

في تصريح يعكس الزخم الدبلوماسي المتزايد حول الأزمة السودانية، أفاد مصدر مطلع يُدعى بولس بأن "الرباعية"، وهي مجموعة من الجهات الدولية والإقليمية الفاعلة، قد قدمت خارطة طريق شاملة تهدف إلى إنهاء الصراع الدائر في البلاد. يأتي هذا التطور في وقت يشتد فيه القتال ويواجه ملايين السودانيين أزمة إنسانية غير مسبوقة، مما يبرز الحاجة الملحة لحل سياسي مستدام.

الخلفية: صراع مستمر وتداعيات إنسانية

منذ اندلاعه في منتصف أبريل 2023، يواجه السودان صراعًا دامياً بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF). هذا النزاع، الذي بدأ كصراع على السلطة بعد سنوات من الانتقال الهش، أدى إلى تفكك الدولة، وانهيار الخدمات الأساسية، ونزوح داخلي وخارجي شمل أكثر من 10 ملايين شخص. المدن الكبرى، بما في ذلك العاصمة الخرطوم وعدد من مناطق دارفور، تحولت إلى ساحات حرب، مع تقارير واسعة النطاق عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تستهدف المدنيين.

تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل حاد، حيث يواجه أكثر من 25 مليون شخص (أي نصف سكان البلاد تقريباً) مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة. كما شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تصعيداً خطيراً في القتال في الأسابيع الأخيرة، مما يهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين ويصعب وصول المساعدات الإنسانية الضرورية. هذه التطورات الأليمة دفعت المجتمع الدولي والإقليمي إلى تجديد دعواته للتوصل إلى حل سلمي يوقف نزيف الدم.

دور الرباعية ومساعيها الدبلوماسية

تُشير "الرباعية" في سياق الأزمة السودانية عادة إلى مجموعة من الدول والمنظمات التي تسعى جاهدة للتوسط وإيجاد مخرج للأزمة. على الرغم من أن تكوينها قد يتغير قليلاً حسب المبادرة، إلا أنها غالباً ما تشمل دولاً إفريقية رائدة، مثل تلك التابعة للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، بالإضافة إلى قوى دولية كبرى تُعنى بالملف السوداني. تهدف هذه المجموعة إلى تنسيق الجهود الدبلوماسية لـ:

وقف إطلاق النار بشكل دائم وشامل.
تأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
الدفع باتجاه عملية سياسية شاملة تقود إلى حكومة مدنية انتقالية.

جاءت العديد من المبادرات السابقة من خلال هذه التجمعات، مثل محادثات جدة التي رعتها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، ومساعي الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد). ومع ذلك، فقد واجهت هذه الجهود تحديات كبيرة، بما في ذلك عدم الالتزام المتكرر بوقف إطلاق النار من قبل الأطراف المتحاربة، والخلافات حول طبيعة الحل السياسي المستقبلي.

خارطة الطريق المقترحة: عناصر ومبادئ

وفقاً للتصريحات، تتضمن خارطة الطريق التي قدمتها الرباعية مجموعة من الخطوات والمبادئ الأساسية المصممة لإرساء السلام والاستقرار في السودان. من المرجح أن تركز هذه الخارطة على المحاور التالية:

وقف فوري وشامل لإطلاق النار: كخطوة أولى وأساسية، مع آليات واضحة للمراقبة والتحقق.
حماية المدنيين: وضع تدابير عاجلة لحماية السكان من العنف والانتهاكات، لا سيما في مناطق النزاع الساخنة مثل دارفور.
تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية: فتح جميع المعابر والطرق لتوصيل الإغاثة للمتضررين في جميع أنحاء البلاد.
مسار سياسي شامل: إطلاق حوار وطني يضم جميع الأطراف السودانية الفاعلة، بما في ذلك القوى المدنية، الحركات المسلحة، ولجان المقاومة، لوضع إطار لحكومة انتقالية مدنية.
إصلاح القطاع الأمني: إعادة هيكلة وتوحيد القوات المسلحة وقوات الدعم السريع تحت قيادة مدنية موحدة.
العدالة والمساءلة: معالجة قضايا الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت خلال النزاع.

تُعد هذه العناصر حاسمة لضمان أن أي حل لا يكون مجرد هدنة مؤقتة، بل أساساً لسلام دائم وشامل يُعيد السودان إلى مسار التنمية والديمقراطية.

التحديات والآمال المعلقة

على الرغم من الأهمية الكبيرة لخارطة الطريق هذه، فإن طريق تطبيقها لا يخلو من التحديات. فالثقة بين الأطراف المتحاربة في أدنى مستوياتها، كما أن هناك انقسامات داخلية وخارجية قد تعرقل أي جهود للسلام. إن استمرار القتال، لا سيما في الفاشر، يضع ضغوطاً هائلة على أي مبادرة دبلوماسية. ومع ذلك، فإن الإجماع الإقليمي والدولي على ضرورة الحل السياسي يُعطي هذه الخارطة دفعاً قوياً.

تمثل مبادرة الرباعية بصيص أمل جديد في خضم الظلام الذي يكتنف السودان. إذا ما تمكنت الأطراف السودانية، بدعم من المجتمع الدولي، من اغتنام هذه الفرصة والالتزام ببنود خارطة الطريق، فقد يكون ذلك بداية النهاية لمعاناة شعب طال به الأمد. يبقى نجاح هذه الجهود مرهوناً بمدى جدية الأطراف في وضع مصلحة السودان فوق أي اعتبارات أخرى.