احتجاجات مؤيدة لفلسطين تعرقل سير مؤتمر دفاعي في كندا
شهدت مدينة لندن، أونتاريو، كندا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، تعطلًا كبيرًا لمؤتمر دفاعي سنوي، وذلك إثر قيام مجموعة من النشطاء المؤيدين للقضية الفلسطينية بإغلاق المداخل الرئيسية للموقع. استهدف المحتجون مؤتمر "Best Defence" الذي يُعقد في مركز RBC Place للمؤتمرات، مانعين المشاركين من الدخول ومطلقين هتافات تدعو إلى وقف الحرب في قطاع غزة ووضع حد لما يعتبرونه تواطؤًا مع انتهاكات حقوق الإنسان.

خلفية المؤتمر وأهداف المحتجين
يُعد مؤتمر "Best Defence" حدثًا سنويًا بارزًا في قطاع الدفاع الكندي، ويستضيف عادةً قادة الصناعة الدفاعية، والمسؤولين الحكوميين، والخبراء العسكريين، والوفود الدولية. تهدف هذه الفعالية إلى تعزيز الابتكار في مجال الدفاع، وتسهيل الشراكات التجارية، ومناقشة التحديات الأمنية المعاصرة، بالإضافة إلى عرض أحدث التقنيات والمنتجات العسكرية. يعتبر المؤتمر منصة حيوية للتعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الأمن والدفاع، وله أهمية اقتصادية وسياسية للمنطقة والبلاد ككل.
جاءت هذه الاحتجاجات في سياق موجة عالمية متصاعدة من المظاهرات التي تدعو إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني ووقف التصعيد العسكري في غزة. وقد اتسمت هذه الحركة بتزايد التركيز على المؤسسات والشركات التي يُنظر إليها على أنها تساهم في الصراعات المسلحة أو تستفيد منها. سعى النشطاء من خلال إغلاق المؤتمر إلى تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه الصناعة الدفاعية في النزاعات الدولية، والضغط على الحكومة الكندية والشركات المشاركة لإعادة تقييم سياساتها وعلاقاتها مع الجهات التي يعتبرونها متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.
كانت المطالب الأساسية للمتظاهرين تتمحور حول الدعوة إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة، وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة، وإنهاء ما يعتبرونه حصارًا واحتلالًا للأراضي الفلسطينية. وقد عبروا عن رفضهم المطلق لأي شكل من أشكال الدعم، سواء كان مباشرًا أو غير مباشر، للعمليات العسكرية التي أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
تفاصيل الاحتجاجات والتأثير المباشر
بدأت الاحتجاجات في صباح يوم الثلاثاء، حيث تجمع العشرات من النشطاء أمام مركز RBC Place. قام المتظاهرون بتشكيل حواجز بشرية عند المداخل الرئيسية للمبنى، حاملين لافتات وشعارات منددة بالمؤتمر ومؤيدة لفلسطين. تضمنت اللافتات عبارات مثل "لا لأرباح الحرب" و"أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة" و"فلسطين حرة". وقد قاموا بترديد هتافات صاخبة ومستمرة، مما خلق أجواءً من التوتر والفوضى أمام موقع الحدث.
- تكتيكات الإغلاق: استخدم المتظاهرون أجسادهم وسلاسل بشرية لمنع الوصول إلى جميع نقاط الدخول الرئيسية، مما تسبب في توقف تام لعملية تسجيل الدخول للمشاركين. وقد أدى ذلك إلى تأخيرات كبيرة وتعطيل للجدول الزمني للعديد من الجلسات الافتتاحية والمحاضرات المقررة في المؤتمر.
- التعامل الأمني: حضر عدد من أفراد الشرطة المحلية إلى الموقع لمراقبة الوضع. ورغم التوتر، بقيت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير ولم تسجل اشتباكات عنيفة مباشرة بين المتظاهرين وقوات الأمن أو المشاركين. ركزت الشرطة على الحفاظ على النظام العام وضمان سلامة الجميع، بينما استمر المتظاهرون في إيصال رسالتهم بصوت عالٍ وواضح. لم ترد تقارير فورية عن اعتقالات واسعة النطاق في مكان الحدث.
- تأثير على المؤتمر: أثر الإغلاق بشكل كبير على سير المؤتمر، حيث اضطر العديد من المشاركين إلى الانتظار لساعات طويلة أو المغادرة دون التمكن من الدخول. وربما أدى ذلك إلى إلغاء أو تأجيل بعض الفقرات المجدولة، مما أثر على فعالية الحدث وأهدافه المعلنة.
السياق الأوسع والتداعيات المحتملة
تُعد هذه الاحتجاجات في لندن، أونتاريو، جزءًا من ظاهرة أوسع نطاقًا حيث أصبحت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين تكتسب زخمًا متزايدًا في الغرب، وتستهدف بشكل متكرر الأحداث والمؤسسات التي تُرى على أنها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالصراعات الجيوسياسية. تعكس هذه التحركات الشعبية تزايد الوعي العام والضغط على الحكومات والشركات لإظهار مسؤولية أكبر في مسائل حقوق الإنسان والنزاعات الدولية.
تثير هذه الحادثة عدة أسئلة جوهرية حول التوازن بين الحق في الاحتجاج السلمي وحرية التعبير، مقابل حق المؤسسات والفعاليات في العمل دون تعطيل. إنها تضع منظمي المؤتمرات والجهات الأمنية المحلية أمام تحدٍ يتمثل في كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف المستقبلية، وقد تدفعهم إلى مراجعة شاملة لخطط الطوارئ وبروتوكولات الأمن.
على المدى الأطول، قد تؤثر هذه الاحتجاجات على سمعة المؤتمرات الدفاعية، وتجعل المشاركة فيها أكثر إثارة للجدل. كما أنها قد تدفع بعض الشركات إلى إعادة النظر في مشاركتها في مثل هذه الأحداث، أو على الأقل الاستعداد بشكل أفضل للتعامل مع ردود الفعل العامة. من ناحية أخرى، تعزز هذه المظاهرات الرواية النشطة التي تسعى إلى تدويل قضية فلسطين وإبقائها في صدارة الأجندة العامة في الدول الغربية، مما يضع ضغطًا إضافيًا على صانعي السياسات لإعادة تقييم مواقفهم.
تُبرز الأحداث في أونتاريو كيف أن الصراعات في مناطق بعيدة من العالم يمكن أن تخلق تأثيرات ملموسة وردود فعل قوية في المجتمعات المحلية، وكيف يمكن للنشاط المدني أن يعطل العمليات التجارية والمهنية، مؤكدًا بذلك قوة الرأي العام وقدرته على تشكيل الحوار العام حول القضايا الجيوسياسية المعقدة.





