احتمال غير مسبوق: خسارة كبيرة قد تفتح باب ملحق المونديال أمام سان مارينو
في تحليل كروي نُشر مؤخرًا وتداولته الأوساط الرياضية، برز سيناريو نظري فريد من نوعه يثير الدهشة والاستغراب، حيث يشير إلى إمكانية تأهل منتخب سان مارينو، أحد أضعف المنتخبات في التصنيف العالمي لكرة القدم، إلى ملحق كأس العالم، ليس بتحقيق انتصارات باهرة، بل عبر مفارقة قد تتحقق بخسارة "كبيرة" في إحدى مبارياته. هذا السيناريو، وإن كان شديد التعقيد والبعد عن الواقع العملي، إلا أنه يسلط الضوء على التعقيدات الخفية لأنظمة التأهيل الحديثة ويفتح باباً للمناقشات المثيرة حول الاحتمالات الرياضية غير المتوقعة.

الخلفية: واقع كرة القدم في سان مارينو
يُعد منتخب سان مارينو لكرة القدم رمزاً للصراع الدائم للمنتخبات الصغيرة في عالم كرة القدم التنافسي. منذ انضمامه إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا)، عانى المنتخب السامماريني من سجل متواضع للغاية، حيث يحتل باستمرار المراكز الأخيرة في تصنيفات الفيفا ويواجه هزائم ثقيلة في غالبية مبارياته الرسمية. نادراً ما يتمكن من تسجيل الأهداف أو تحقيق النتائج الإيجابية، مما يجعله محط أنظار كمنخب "الأقل حظاً" في البطولات الأوروبية والعالمية. تُعرف مبارياته بتلقي عدد كبير من الأهداف، مما يجعل فكرة تأهله لأي مرحلة متقدمة، ناهيك عن ملحق كأس العالم، أمراً أقرب إلى الخيال.
نظام تصفيات كأس العالم في أوروبا
تعتمد تصفيات كأس العالم لمنطقة أوروبا نظاماً متعدد المراحل يهدف إلى ضمان المنافسة العادلة وتأهيل أفضل المنتخبات. تتألف هذه التصفيات عادةً من مرحلة المجموعات، حيث تتنافس المنتخبات على الصدارة للتأهل المباشر، أو على المركز الثاني للعب في مرحلة الملحق. بالإضافة إلى ذلك، أضاف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في السنوات الأخيرة مسارات إضافية لمرحلة الملحق، غالباً ما ترتبط بأداء المنتخبات في بطولة دوري الأمم الأوروبية. هذا النظام المعقد، الذي يأخذ في الحسبان العديد من المعايير مثل النقاط وفارق الأهداف والأهداف المسجلة وحتى سجل الانضباط (اللعب النظيف)، هو الذي يفتح الباب أمام السيناريوهات المحتملة وغير المباشرة للتأهل، خاصة للمنتخبات التي لا تتأهل بالطرق التقليدية.
تفاصيل السيناريو الغريب: كيف يمكن لخسارة أن تؤهل؟
يكمن جوهر هذا السيناريو النظري في مجموعة معقدة من الافتراضات والترابطات الحسابية ضمن القواعد التنظيمية. لا يتعلق الأمر بتأهل مباشر عبر "خسارة" ببساطة، بل هو مسار غير مباشر يعتمد على كيفية تأثير نتيجة خسارة معينة (بفارق أهداف محدد) على ترتيب سان مارينو مقارنة بمنتخبات أخرى ضمن معايير ثانوية للتأهل للملحق، خصوصاً تلك المتعلقة بدوري الأمم الأوروبية أو بتصنيفات الكفاءة الكروية. لنفترض أن هناك مساراً في الملحق مخصصاً للمنتخبات الأفضل تصنيفاً في دوري الأمم الأوروبية التي لم تتأهل مباشرة من تصفيات المونديال ولم تحصل على وصافة مجموعاتها. هنا، قد تلعب عوامل مثل فارق الأهداف العام، أو عدد الأهداف المسجلة، أو حتى نقاط اللعب النظيف، دوراً حاسماً في المفاضلة بين المنتخبات ذات الأداء المتشابه.
السيناريو المحتمل يفترض أن سان مارينو، على الرغم من الهزائم المتتالية، قد تجد نفسها في موقف يؤهلها لملحق كأس العالم إذا تحققت الشروط التالية مجتمعة:
- نتائج محددة لمنتخبات أخرى: يجب أن تسير نتائج عدد كبير من المباريات الأخرى بطرق معينة للغاية، بحيث لا تتمكن منتخبات ذات تصنيف أعلى من سان مارينو من حجز مكانها في الملحق عبر المسارات التقليدية أو مسارات دوري الأمم الأكثر وضوحاً.
 - فارق أهداف استراتيجي: قد تكون خسارة "كبيرة" ولكن بفارق أقل من خسارة "كارثية" لمنتخب آخر منافس على نفس المكانة الرمزية في الملحق. على سبيل المثال، إذا كان هناك معيار فرعي يعتمد على فارق الأهداف الإجمالي ضمن مجموعة معينة من المنتخبات الأضعف، فقد تضع خسارة بنتيجة 0-3 سان مارينو في موقف أفضل من فريق آخر خسر بنتيجة 0-5 في مباراة حاسمة، إذا كانت هذه النتيجة مجتمعة مع نتائج أخرى تدفع سان مارينو إلى ترتيب أفضل في جدول المعاملات الكروية.
 - معايير إضافية: قد تلعب نقاط اللعب النظيف أو حتى نقاط التصنيف التاريخي أو الأداء في دوري الأمم الأوروبية على مدى مواسم عدة دوراً في تفضيل سان مارينو على منتخبات أخرى ذات سجل أسوأ في تلك المعايير الثانوية، على الرغم من تلقيها هزائم.
 
هذا السيناريو يعتمد بشكل كبير على افتراض وجود "مسار خلفي" غير مباشر للتأهل للملحق، وهو مسار يركز على أفضلية نسبية في معايير غير تقليدية، تتفوق فيها سان مارينو على منتخبات أخرى تتشارك معها نفس المستوى المتدني. هو مثال كلاسيكي على كيف يمكن للقواعد المعقدة أن تخلق احتمالات غير بديهية.
أهمية وتداعيات هذا النقاش
تبرز أهمية هذا السيناريو، على الرغم من طابعه النظري الخالص، في عدة جوانب. أولاً، يسلّط الضوء على مدى تعقيد اللوائح والأنظمة في كرة القدم الحديثة، وكيف أن كل بند وتفصيل يمكن أن يخلق احتمالات غير متوقعة. ثانياً، إنه يغذي أحلام المنتخبات الصغيرة والجماهير التي تتطلع دائماً إلى "المعجزة الكروية"، حتى لو كانت هذه المعجزة تأتي عبر مسار متعرج ومربك. ثالثاً، يمثل تحدياً للمحللين والإحصائيين في مجال كرة القدم، لدراسة أعمق للأنظمة واكتشاف الثغرات أو الاحتمالات الكامنة فيها. وأخيراً، يعزز هذا النوع من النقاشات الجدل حول مدى عدالة وشفافية أنظمة التأهل، وما إذا كانت تعطي فرصة حقيقية للمنتخبات ذات الإمكانات المحدودة، حتى لو كان ذلك بطرق غير مباشرة.
في الختام، يظل سيناريو تأهل سان مارينو لملحق المونديال عبر خسارة كبيرة مجرد فكرة نظرية رائعة، لكنها تذكير بأن كرة القدم، بل والرياضة عموماً، لا تخلو من المفاجآت والاحتمالات التي تتجاوز المنطق المعتاد، مما يجعلها دائماً محط اهتمام الملايين.





