اعتراض بيراميدز يدفع الكاف لمراجعة آلية جوائزه
يدرس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) حالياً إجراء تعديلات جوهرية على آلية التصويت الخاصة باختيار الفائزين بجوائزه السنوية المرموقة. جاءت هذه المراجعة المرتقبة استجابة لاعتراض رسمي تقدم به نادي بيراميدز المصري، الذي أعرب عن استيائه من نتائج الجوائز الأخيرة وما اعتبره تجاهلاً مستحقاً لجهود لاعبيه وإنجازات النادي في المنافسات القارية والمحلية. تعكس هذه الخطوة حرص الكاف على تعزيز الشفافية والعدالة في نظامه التكريمي، وتؤشر إلى تحول محتمل في كيفية تقدير المواهب والإنجازات الكروية في القارة.

الخلفية والأسباب الرئيسية للاعتراض
تعود جذور القضية إلى حفل توزيع جوائز الكاف لعام 2023، الذي أقيم في مدينة مراكش المغربية في ديسمبر من العام نفسه. على هامش الحفل، قام المهندس ممدوح عيد، رئيس نادي بيراميدز، بتوجيه انتقاد صريح ورسمي إلى باتريس موتسيبي، رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وكذلك لأعضاء اللجنة التنفيذية. كان مضمون الاعتراض يدور حول ما رآه النادي تقصيراً في تقدير الأداء المميز لنجومه، وخاصة بعد وصول الفريق إلى المباراة النهائية لبطولة كأس الكونفدرالية الأفريقية، وتقديمه مستويات عالية في الدوري المصري الممتاز.
شعر مسؤولو بيراميدز بأن ناديهم ولاعبيه لم يحصلوا على التقدير الكافي ضمن قوائم الترشح أو الفوز بالجوائز المختلفة، وهو ما أثار لديهم تساؤلات جدية حول مدى عدالة ونزاهة آلية التصويت المتبعة. اعتبر النادي أن هذا التجاهل لا يعكس الواقع الفني والإنجازات المحققة على مدار الموسم، مما يستدعي تدخلاً لتصحيح المسار وضمان تكافؤ الفرص لجميع الأندية واللاعبين في القارة السمراء، بغض النظر عن انتمائاتهم أو شهرتهم المسبقة.
آلية التصويت الحالية والنقاط المثيرة للجدل
تعتمد آلية التصويت الحالية لجوائز الكاف على مزيج من أصوات عدة جهات. عادة ما يشارك في التصويت مدربو وقادة المنتخبات الوطنية، بالإضافة إلى لجنة من الخبراء الفنيين ومجموعة مختارة من ممثلي وسائل الإعلام الأفريقية. تاريخياً، سعت هذه الآلية لتوفير تمثيل واسع لآراء مختلفة، ولكنها في بعض الأحيان واجهت انتقادات تتعلق بـ:
- التحيز الإقليمي أو الشخصي: حيث قد تؤثر العلاقات أو الانتماءات على خيارات المصوتين، مما يفتح الباب أمام اختيارات قد لا تكون مبنية على الأداء الفعلي بالكامل.
- قلة الشفافية: عدم وضوح المعايير الدقيقة التي يستند إليها كل مصوت في اختياره، مما يصعب فهم كيفية التوصل إلى النتائج النهائية.
- التركيز على جوانب معينة: قد يغلب التركيز على أداء اللاعبين في البطولات الدولية للمنتخبات على حساب إنجازات الأندية في المسابقات القارية، وهو ما قد يظلم لاعبين متميزين على صعيد الأندية.
- التمثيل غير الكافي: قد لا تعكس التركيبة الحالية للمصوتين التنوع الكامل للفاعلين في كرة القدم الأفريقية، بما في ذلك ممثلون عن الأندية الكبرى التي تعد العمود الفقري للكرة في القارة.
اعتراض بيراميدز سلط الضوء مجدداً على هذه النقاط الحساسة، مشدداً على ضرورة مراجعة شاملة لضمان أن تكون الجوائز مرآة حقيقية للأداء المتميز على كافة المستويات وفي جميع المسابقات.
التطورات ورد فعل الاتحاد الأفريقي
لم يمر اعتراض بيراميدز مرور الكرام. فقد أخذ الكاف الأمر على محمل الجد، وبدأت المناقشات الداخلية بين مسؤوليه فوراً. في مطلع عام 2024، أشارت مصادر مقربة من الاتحاد إلى أن هناك توجهاً قوياً نحو إعادة تقييم شاملة للائحة المنظمة لجوائز الأفضل. أكد مسؤولو الكاف، خلال لقاءاتهم مع ممثلي الأندية، التزامهم بالعمل على تطوير نظام الجوائز ليكون أكثر عدالة وشفافية، بما يعزز من قيمتها ومصداقيتها على الساحة الكروية الأفريقية والدولية.
تتمحور هذه المراجعة حول البحث عن حلول تضمن تمثيلاً أوسع للمستويات المختلفة لكرة القدم الأفريقية، بدءاً من اللاعبين المحليين في الدوريات وصولاً إلى الأندية التي تحقق نجاحات قارية بارزة. هذه التطورات تعكس رغبة الكاف في الاستجابة للملاحظات البناءة من الأندية، التي تعد شريكاً أساسياً في منظومة كرة القدم بالقارة وتساهم بشكل كبير في رفعة مستواها.
التعديلات المقترحة والآثار المحتملة
تتضمن التعديلات المقترحة عدة محاور رئيسية تهدف إلى تحسين جودة ونزاهة الجوائز الأفريقية. من بين الأفكار المطروحة للنقاش داخل الكاف:
- توسيع قاعدة المصوتين: قد يشمل ذلك إشراك عدد أكبر من الصحفيين المتخصصين في كرة القدم الأفريقية، أو حتى إضافة ممثلين عن اتحادات اللاعبين المحترفين الأفريقية، لضمان وجهات نظر أوسع وأكثر شمولية.
- تحديد معايير واضحة وموضوعية: وضع لوائح أكثر تفصيلاً لتحديد الأحقية بالترشيح والفوز، بناءً على الإحصائيات والأداء الفعلي الموثق، بدلاً من الانطباعات الشخصية أو الشهرة.
- إعادة تقييم الأوزان النسبية: مراجعة نسبة تأثير أصوات كل فئة من فئات المصوتين (مدربون، قادة، خبراء، إعلام) لضمان التوازن وعدم طغيان فئة على أخرى.
- الفصل بين جوائز الأندية والمنتخبات: قد يتم النظر في فصل أكثر وضوحاً بين الجوائز التي تعتمد على أداء اللاعبين مع أنديتهم في البطولات القارية والمحلية، وتلك التي تعتمد على أدائهم مع منتخبات بلادهم.
إن تطبيق هذه التعديلات من شأنه أن يعود بفوائد جمة على كرة القدم الأفريقية. أولاً، سيعزز من مصداقية جوائز الكاف ويرفع من قيمتها الاعتبارية على الصعيدين القاري والدولي. ثانياً، سيلهم ويحفز الأندية واللاعبين على تقديم أفضل ما لديهم، مع يقين بأن جهودهم لن تذهب سدى وسيتم تقديرها بشكل عادل ومنصف. وأخيراً، ستسهم هذه الخطوة في ترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية داخل المؤسسة الكروية الأكبر في أفريقيا، مما يمهد الطريق لمزيد من الإصلاحات والتطوير في المستقبل ويعزز الثقة في قيادة كرة القدم بالقارة.





