اغتيال خنساء المجاهد في الزاوية: مؤشرات على تصعيد عسكري جديد في غرب ليبيا
تشهد ليبيا، وخصوصاً منطقة الغرب، حالة من الترقب والقلق إثر الأنباء الواردة عن اغتيال المدونة خنساء المجاهد في مدينة الزاوية الساحلية. هذا الحدث، الذي وقع في الأيام الأخيرة، يأتي ليزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي الهش في البلاد، ويُنظر إليه على أنه قد يكون الشرارة لاندلاع جولة جديدة من التوتر والتصعيد العسكري في منطقة غرب ليبيا التي تعاني أصلاً من استقطابات وصراعات متعددة.
وقد شكلت عملية الاغتيال صدمة واسعة، ليس فقط لارتباط الضحية بزوجها معاذ المنفوخ، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، بل لكونها تستهدف مدنية وناشطة، في بيئة يفترض بها أن تشهد جهوداً لترسيخ السلام والاستقرار. تتركز المخاوف حالياً حول قدرة السلطات على احتواء تداعيات هذا العمل العنيف، ومنع انزلاق المنطقة نحو فوضى أمنية أوسع.
تفاصيل الحادث والضحية
أفادت مصادر محلية ومواقع إخبارية بأن عملية اغتيال خنساء المجاهد تمت في مدينة الزاوية الواقعة غرب العاصمة طرابلس. وتُعرف المجاهد كمدونة وناشطة، وهي زوجة معاذ المنفوخ، الشخصية السياسية البارزة وعضو ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي يُعد أحد أهم الأطر التي أفرزت جهود التسوية السياسية في ليبيا. لم تتضح بعد كافة تفاصيل عملية الاغتيال أو هوية المنفذين، لكن طبيعة الاستهداف والوضع الأمني في الزاوية تشير إلى احتمالية وجود دوافع سياسية أو أمنية وراء هذا الفعل الإجرامي. وقد سارعت منظمات حقوقية وشخصيات عامة إلى إدانة الحادث والمطالبة بتحقيق فوري وشفاف.
الخلفية الأمنية والسياسية في الزاوية وغرب ليبيا
تُعد مدينة الزاوية، التي تبعد حوالي 45 كيلومتراً غرب طرابلس، نقطة استراتيجية حيوية، نظراً لموقعها الساحلي الذي يضم ميناءً ومنشآت نفطية. إلا أنها في الوقت ذاته تُعد معقلاً لعدد من التشكيلات المسلحة المتنافسة، وشهدت على مر السنوات صراعات متكررة على النفوذ والسيطرة. هذا الوضع الأمني المعقد يجعل من أي حادث أمني خطير، مثل عملية اغتيال شخصية مرتبطة بالعملية السياسية، قابلاً للتصعيد السريع، حيث يمكن أن يُفسر كاستهداف لطرف معين أو محاولة لإرسال رسائل سياسية عبر العنف.
يضاف إلى ذلك السياق الليبي الأوسع، حيث تستمر الجهود الدولية والمحلية الرامية إلى تحقيق مصالحة وطنية وتوحيد المؤسسات، في ظل انقسام سياسي وأمني عميق. استهداف زوجة شخصية في ملتقى الحوار السياسي قد يُنظر إليه كرسالة مباشرة لتقويض هذه الجهود، وزعزعة الثقة في قدرة السلطات الانتقالية على توفير الأمن حتى للشخصيات المرتبطة بالحل السياسي.
ردود الفعل ودعوات التحقيق
توالت الإدانات المحلية والدولية لعملية اغتيال خنساء المجاهد. فقد أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) عن قلقها البالغ، ودعت إلى تحقيق عاجل وشفاف لتقديم الجناة إلى العدالة. كما أصدرت الحكومة الليبية المؤقتة، ممثلة في حكومة الوحدة الوطنية، بيانات تدين الجريمة وتؤكد التزامها بملاحقة الجناة وحماية المدنيين. ناشدت منظمات حقوق الإنسان جميع الأطراف الليبية بضرورة ضبط النفس وتجنب أي أعمال انتقامية قد تزيد من حدة التوتر في المنطقة، مؤكدة على ضرورة حماية الحريات العامة وضمان سلامة النشطاء والمدونين.
يشكل هذا الحادث اختباراً حقيقياً للسلطات الليبية المعنية، ومدى قدرتها على فرض سيادة القانون في مناطق تسيطر عليها تشكيلات مسلحة، وتصاعدت فيها حوادث العنف والاغتيالات التي غالباً ما تمر دون محاسبة حقيقية.
التداعيات المحتملة على الاستقرار في غرب ليبيا
تكمن الخطورة الأكبر لاغتيال خنساء المجاهد في التداعيات المحتملة على الاستقرار الهش أصلاً في غرب ليبيا. ففي بيئة مشحونة بالصراعات على النفوذ والتحالفات المتغيرة، يمكن أن يُفسر هذا الاغتيال كاستفزاز يستدعي رداً من قبل أطراف محسوبة على زوج الضحية أو داعمة للعملية السياسية، مما قد يؤدي إلى اشتباكات مسلحة بين التشكيلات المتنافسة في الزاوية أو المناطق المحيطة بها. هذا السيناريو من شأنه أن ينسف جهود التهدئة والمصالحة، ويعيد المنطقة إلى مربع الصراع المسلح واسع النطاق.
كما يُبرز الحادث مجدداً هشاشة وضع حقوق الإنسان في ليبيا، والخطر الذي يواجهه النشطاء والإعلاميون والشخصيات المرتبطة بالعمل السياسي السلمي. إن استمرار الإفلات من العقاب على مثل هذه الجرائم يشجع على تكرارها، ويقوض أي أمل في بناء دولة مؤسسات تتمتع بسيادة القانون. إن المجتمع الدولي والمكونات الليبية الفاعلة مطالبة بالضغط من أجل وقف دوامة العنف، والعمل على بناء دولة قوية قادرة على حماية مواطنيها وتطبيق العدالة.




