الإيجار القديم: تحديد الموعد النهائي لانتهاء لجان حصر الوحدات تمهيدًا لتعديل القيمة الإيجارية
تتجه الأنظار في مصر نحو الموعد المرتقب لانتهاء أعمال لجان حصر الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، والتي تشكل خطوة محورية في مسار معالجة واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية تعقيدًا في البلاد. ويمثل عمل هذه اللجان المرحلة التمهيدية الأساسية لأي تعديلات مستقبلية على القيمة الإيجارية، بهدف تحقيق توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.

خلفية قانون الإيجار القديم وأهداف اللجان
يعود الجدل حول قانون الإيجار القديم إلى عقود مضت، حيث أدت القوانين الاستثنائية التي صدرت في منتصف القرن العشرين إلى تجميد القيم الإيجارية عند مستويات متدنية للغاية، مما خلق فجوة كبيرة بين الإيجارات الفعلية والقيمة السوقية الحقيقية للعقارات. وقد أدى هذا الوضع إلى تحديات اقتصادية للملاك وصعوبات في صيانة العقارات، بينما وفر للمستأجرين استقرارًا سكنيًا طويل الأمد بتكلفة منخفضة.
وفي إطار سعي الدولة لمعالجة هذا الملف الشائك بشكل تدريجي ومدروس، تم تشكيل لجان متخصصة بناءً على قرارات من المحافظين في مختلف أنحاء الجمهورية. الهدف الأساسي من هذه اللجان ليس زيادة الإيجارات بشكل فوري، بل بناء قاعدة بيانات دقيقة وشاملة للوحدات السكنية وغير السكنية الخاضعة لهذا القانون، وهو ما كان يمثل تحديًا كبيرًا في الماضي نظرًا لغياب إحصاءات موثوقة.
تفاصيل عمل اللجان والجدول الزمني المحدد
بدأت اللجان مهامها الميدانية بشكل رسمي في 4 سبتمبر الماضي، حيث انطلقت في عمليات حصر وتسجيل الوحدات وتصنيفها. لا يقتصر عملها على العدّ فقط، بل يمتد إلى تقييم المناطق التي تقع فيها هذه الوحدات بهدف تقسيمها إلى فئات مختلفة تضمن تحقيق العدالة عند أي تعديل مستقبلي للقيم الإيجارية. وتشمل هذه الفئات عادةً:
- مناطق متميزة: وهي الأحياء الراقية التي تتمتع بمستوى عالٍ من الخدمات والبنية التحتية.
- مناطق متوسطة: وتشمل الأحياء التي تقدم مستوى جيدًا من الخدمات.
- مناطق اقتصادية: وتضم المناطق الشعبية والأقل من حيث مستوى الخدمات.
يهدف هذا التصنيف إلى ربط أي زيادة محتملة في الإيجار بالواقع الاقتصادي والاجتماعي لكل منطقة، بما يمنع فرض زيادات عشوائية وغير منصفة. وعلى الرغم من عدم الإعلان عن موعد نهائي موحد لجميع المحافظات، تشير التقديرات إلى أن اللجان ستنتهي من أعمالها خلال أشهر قليلة من تاريخ بدئها، مما يمهد الطريق لرفع تقاريرها النهائية إلى الجهات المعنية لمراجعتها واتخاذ القرارات اللاحقة.
الأهمية والتأثيرات المستقبلية
تكمن أهمية هذه الخطوة في كونها الأولى من نوعها التي تعتمد على بيانات ميدانية دقيقة لوضع أساس لأي تشريع جديد. فنتائج عمل اللجان ستوفر لصانعي القرار رؤية واضحة حول حجم ونطاق الوحدات الخاضعة للقانون القديم، وتوزيعها الجغرافي، وطبيعة المناطق التي تقع فيها.
ومن المتوقع أن يكون لنتائج هذا الحصر تداعيات مهمة على مختلف الأطراف المعنية. بالنسبة للملاك، قد يمثل ذلك بداية الطريق نحو تحقيق عائدات أكثر عدلاً من ممتلكاتهم. أما بالنسبة للمستأجرين، فإن الأمر يثير قلقًا بشأن مستقبل استقرارهم السكني، إلا أن النهج التدريجي المتبع يهدف إلى حماية حقوقهم ومنع أي تغييرات مفاجئة. بالنسبة للدولة، فإن حل هذا الملف يساهم في تنشيط سوق العقارات وتحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي أوسع.
من الضروري التأكيد على أن انتهاء عمل لجان الحصر لا يعني تطبيق زيادة تلقائية وفورية في الإيجارات. بل إن مخرجاتها ستُستخدم كمرجع أساسي لدراسة الخيارات التشريعية المتاحة، والتي سيتم طرحها للنقاش المجتمعي والبرلماني قبل إقرار أي تعديلات نهائية على القانون.





