الاستخبارات الأميركية تحذر: مراقبة أي اتفاق لوقف النار في غزة ستكون مهمة صعبة للغاية
في شهادة حديثة أمام الكونغرس، قدمت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، أفريل هينز، تقييماً واقعياً للتحديات التي تواجه أي محاولة لمراقبة وقف إطلاق نار محتمل في قطاع غزة. وأكدت هينز أن الإشراف على التزام الأطراف بمثل هذا الاتفاق سيكون أمراً بالغ الصعوبة، مشيرة إلى تعقيدات الوضع الميداني وغياب آليات واضحة للتحقق.

خلفية التصريحات
جاءت تصريحات هينز خلال جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في أوائل مارس 2024، والتي ركزت على تقييم التهديدات العالمية. وتأتي هذه الشهادة في وقت حرج، تتزامن مع جهود دبلوماسية مكثفة تقودها الولايات المتحدة إلى جانب مصر وقطر، للتوسط في اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس. يهدف الاتفاق المقترح إلى إعلان هدنة مؤقتة، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
التحديات الرئيسية للمراقبة
أوضحت مديرة الاستخبارات الوطنية أن الصعوبات لا تكمن فقط في النوايا السياسية للأطراف، بل في طبيعة الصراع على الأرض. وحددت عدة عقبات أساسية تجعل مهمة المراقبة معقدة، من أبرزها:
- غياب آلية ميدانية: على عكس اتفاقيات وقف إطلاق النار في صراعات أخرى، لا يوجد حالياً أي حديث عن وجود قوات حفظ سلام أو مراقبين دوليين على الأرض في غزة للتحقق من الانتهاكات.
- الطبيعة غير المتكافئة للصراع: إن وجود حركة حماس كطرف غير حكومي يعمل من داخل مناطق مدنية مكتظة بالسكان يجعل من الصعب تحديد المسؤولية عن أي خرق بشكل دقيق وفوري.
- صعوبة التحقق: شددت هينز على أن التمييز بين هجوم متعمد، أو سوء تقدير، أو حادث عرضي سيكون تحدياً كبيراً لأجهزة الاستخبارات، مما قد يؤدي إلى انهيار سريع لأي هدنة.
- الاعتماد على الاستخبارات عن بعد: في غياب وجود مادي على الأرض، سيعتمد المجتمع الاستخباراتي بشكل كبير على وسائل المراقبة التقنية والاستخبارات البشرية، وهي أدوات لها حدودها ولا يمكنها تقديم صورة كاملة في جميع الأوقات.
السياق الأوسع ومستقبل غزة
تطرقت الشهادة أيضاً إلى رؤية مجتمع الاستخبارات الأميركي لمرحلة ما بعد الحرب. أقرت هينز بأن إسرائيل نجحت في إضعاف القدرات العسكرية لحماس، لكنها أعربت عن شكوكها في إمكانية القضاء على الحركة كفكرة أيديولوجية على المدى الطويل. وأشارت إلى أن حماس ستظل تشكل تحدياً أمنياً لسنوات قادمة، حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية الكبرى. إن هذا التقييم يضيف طبقة أخرى من التعقيد، حيث أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار سيكون مؤقتاً بطبيعته، بينما يظل الصراع الأساسي قائماً.
تُبرز هذه التصريحات الرسمية الصادرة عن أعلى جهة استخباراتية في الولايات المتحدة الفجوة بين الأهداف الدبلوماسية المتمثلة في تحقيق تهدئة، والواقع العملي لتنفيذها على أرض الواقع. ويؤكد التحذير على أن التوصل إلى اتفاق هو مجرد خطوة أولى، وأن الحفاظ عليه يتطلب حلولاً عملية للتحديات الأمنية المعقدة في غزة.




