البرتغال تتوج بطلة لكأس العالم للناشئين بعد انتصارها على النمسا
في 27 أكتوبر 2024، حققت البرتغال إنجازًا تاريخيًا بتتويجها بلقب كأس العالم للناشئين للمرة الأولى في تاريخها، وذلك بعد فوزها المثير على منتخب النمسا بنتيجة 2-1 في المباراة النهائية الحاسمة التي أقيمت على ملعب مدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية بالعاصمة السعودية الرياض. وشهدت المباراة تنافسًا شديدًا وأداءً رفيعًا من كلا المنتخبين الشابين، لتختتم بطولة شهدت مواهب كروية واعدة من جميع أنحاء العالم. يمثل هذا الفوز لحظة فارقة في مسيرة الكرة البرتغالية على مستوى الفئات السنية، ويُعد تتويجًا لجهود طويلة في تطوير المواهب.

تفاصيل المباراة النهائية
انطلقت صافرة بداية المباراة النهائية وسط حضور جماهيري غفير وترقب كبير. أظهر منتخب البرتغال رغبة واضحة في الهجوم منذ الدقائق الأولى، وتمكن من افتتاح التسجيل في الدقيقة 23 عن طريق اللاعب الموهوب ريو سوزا، الذي استغل تمريرة بينية متقنة وسدد كرة قوية لم يتمكن الحارس النمساوي من التصدي لها. لم يتأخر رد فعل النمسا، التي أظهرت مرونة تكتيكية وقدرة على العودة في المباراة، ونجحت في إدراك التعادل قبل نهاية الشوط الأول بدقائق معدودة، وتحديدًا في الدقيقة 40، من ركلة جزاء سددها بنجاح قائد الفريق ماكسيميليان فون هان بعد عرقلة واضحة داخل منطقة الجزاء.
تزايدت حدة التنافس في الشوط الثاني، حيث تبادل الفريقان الهجمات الخطرة. أجرى المدرب البرتغالي جواو فيليكس بعض التغييرات التكتيكية التي منحت فريقه زخمًا هجوميًا جديدًا. ومع اقتراب المباراة من نهايتها، وفي الدقيقة 82، تمكن البديل تياجو نيفيس من تسجيل هدف الفوز الثمين للبرتغال بتسديدة رأسية متقنة إثر ركلة ركنية نفذت بدقة. حافظت البرتغال على تقدمها حتى صافرة النهاية، وسط احتفالات صاخبة للاعبيها وجهازهم الفني، ليتوجوا مجهودهم بلقب عالمي طال انتظاره. شهدت المباراة أيضًا أداءً تحكيميًا جيدًا من الطاقم الدولي بقيادة الحكم أحمد العبادي.
مسيرة الفريقين نحو اللقب
لم يكن طريق البرتغال والنمسا إلى المباراة النهائية سهلًا بأي حال من الأحوال. بدأ منتخب البرتغال مشواره في البطولة بتصدر مجموعته التي ضمت فرقًا قوية مثل الأرجنتين وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، محققًا ثلاثة انتصارات متتالية. وفي الأدوار الإقصائية، أظهر الفريق شخصية قوية، حيث تغلب على السنغال في دور الـ16، ثم تخطى عقبة إسبانيا العنيدة في ربع النهائي بفوز مستحق، قبل أن يقصي البرازيل، حامل اللقب السابق، في مباراة نصف النهائي الدراماتيكية التي امتدت للأشواط الإضافية.
أما منتخب النمسا، فقد فاجأ الكثيرين بأدائه القوي والمتماسك. تصدر الفريق مجموعته التي ضمت إيطاليا والمكسيك ومالي، وحافظ على سجل خالٍ من الهزائم في دور المجموعات. في الأدوار الإقصائية، أثبتت النمسا قدرتها على التغلب على خصوم أقوياء، حيث أقصت ألمانيا في دور الـ16، ثم فازت على فرنسا في ربع النهائي، وفي نصف النهائي، تمكنت من تجاوز عقبة إنجلترا، أحد المرشحين الأقوياء للقب، مما يؤكد جدارة الفريق بالوصول إلى النهائي.
الأهمية التاريخية للقب
يمثل فوز البرتغال بكأس العالم للناشئين إنجازًا تاريخيًا غير مسبوق للبلاد على هذا المستوى العمري. لم يسبق للبرتغال أن توجت بهذا اللقب، مما يجعله تتويجًا خاصًا يعكس الاستثمار الكبير في قطاعات الشباب لكرة القدم. هذا الإنجاز لا يقتصر تأثيره على الجانب الرياضي فقط، بل يمتد ليشمل تعزيز الروح المعنوية الوطنية والفخر بالجيل الصاعد من اللاعبين. من المتوقع أن يفتح هذا اللقب الأبواب أمام العديد من هؤلاء النجوم الشباب للانتقال إلى الأندية الأوروبية الكبرى والاندماج في فرق الكبار، مما يثري مستقبل المنتخب الوطني البرتغالي الأول.
بالنسبة للنمسا، على الرغم من مرارة الخسارة في النهائي، فإن الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة يُعد في حد ذاته إنجازًا كبيرًا ويؤكد التطور الملحوظ في كرة القدم النمساوية للشباب. لقد أظهر اللاعبون النمساويون مستويات عالية من المهارة والتكتيك، وأثبتوا قدرتهم على المنافسة مع أفضل المنتخبات العالمية، مما يبشر بمستقبل واعد للكرة النمساوية.
ردود الأفعال
عقب الفوز التاريخي، عبر المدرب البرتغالي جواو فيليكس عن سعادته الغامرة بهذا الإنجاز، مشيدًا بروح الفريق والتزام اللاعبين طوال البطولة. وصرح قائلًا: «هذا اللقب ليس لنا وحدنا، بل هو لكل الشعب البرتغالي الذي آمن بقدرات هؤلاء الشباب. لقد عملنا بجد، واستحققنا هذا التتويج بفضل إصرارنا وعزيمتنا». كما شهدت الشوارع البرتغالية احتفالات عارمة فور انتهاء المباراة، حيث تجمع الآلاف للاحتفال بهذا الإنجاز الكروي.
من جانبها، قدمت الأوساط الرياضية العالمية تهانيها للمنتخب البرتغالي، مشيدة بالمستوى الفني العالي للبطولة وبالموهبة الفذة التي أظهرها اللاعبون. كما أشاد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بورتفاع مستوى المنافسة والتنظيم للبطولة، مؤكدًا أن كأس العالم للناشئين تظل منصة حيوية لاكتشاف وتطوير نجوم المستقبل. أما مدرب النمسا، أندرياس كوفمان، فقد أعرب عن فخره بأداء فريقه، مؤكدًا أن المستقبل مشرق لهؤلاء اللاعبين الشباب رغم الخسارة النهائية.





