شهدت وزارة التضامن الاجتماعي في مصر، تحديدًا في أكتوبر 2023، مباحثات مكثفة ركزت على تسخير إمكانات التكنولوجيا الرقمية لتعزيز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع. جاءت هذه المباحثات ضمن جهود الوزارة المتواصلة لدعم هذه الفئة، وشملت استقبال المهندسة مرجريت صاروفيم، نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي آنذاك، وفدًا رفيع المستوى من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، بما في ذلك مدير مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية (EOSD).

تكتسب هذه الخطوة أهمية بالغة في سياق التزام الدولة المصرية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، التي تضع دمج الأشخاص ذوي الإعاقة كأولوية قصوى. تهدف المباحثات إلى استكشاف وتطبيق حلول تكنولوجية مبتكرة تسهم في تجاوز الحواجز التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالات الحياة المختلفة، مثل التعليم والعمل والوصول إلى الخدمات.
التكنولوجيا الرقمية: محور جهود نائبة وزيرة التضامن لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة
الخلفية والسياق الوطني
تولي مصر اهتمامًا خاصًا بالأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما يتجلى في التشريعات الوطنية مثل القانون رقم 10 لسنة 2018 الخاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تضمن حقوقهم في جميع المجالات. تأتي وزارة التضامن الاجتماعي في طليعة الجهات الحكومية المعنية بتنفيذ هذه الالتزامات، من خلال تطوير برامج ومبادرات تهدف إلى تحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم.
- التزام دستوري وقانوني: تتعهد الدولة المصرية بدعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يفرض عليها تبني سياسات شاملة.
- التحول الرقمي: تشهد مصر تحولًا رقميًا واسع النطاق، وهو ما يوفر فرصة فريدة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في عصر المعلومات.
- الشراكات الدولية: تعد الشراكات مع منظمات دولية مثل GIZ حجر الزاوية في تبادل الخبرات وتطبيق أفضل الممارسات العالمية.
المباحثات والمبادرات الرئيسية
ركزت المباحثات مع وفد الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) على عدة محاور رئيسية، أهمها كيفية استغلال التكنولوجيا الرقمية كأداة فعالة لتحسين فرص الدمج:
- الوصول الرقمي: مناقشة سبل جعل المنصات والخدمات الرقمية الحكومية أكثر سهولة ويسرًا للأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال تطبيق معايير التصميم الشامل.
- التكنولوجيا المساعدة: بحث إمكانية توفير ونشر التكنولوجيا المساعدة، مثل برامج تحويل النص إلى كلام، ولوحات المفاتيح البديلة، وأدوات التنقل الرقمي، التي تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من التفاعل مع العالم الرقمي والمادي بفعالية.
- بناء القدرات والتدريب: التركيز على برامج تدريب متخصصة في محو الأمية الرقمية والمهارات التكنولوجية المتقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، لتعزيز فرصهم في سوق العمل والمساهمة في الاقتصاد الرقمي.
- التمكين الاقتصادي: مناقشة كيف يمكن للتكنولوجيا أن تدعم مشروعات الأشخاص ذوي الإعاقة الصغيرة ومتناهية الصغر، وتمكينهم من العمل عن بعد، مما يوفر لهم استقلالية اقتصادية أكبر.
- التعاون المشترك: التأكيد على أهمية التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الدوليين لتحقيق أقصى استفادة من المبادرات الرقمية.
تأتي هذه المباحثات في إطار مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية (EOSD) الذي تنفذه GIZ بالتعاون مع وزارة التضامن، والذي يهدف إلى تعزيز الدمج الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال برامج مبتكرة ومستدامة.
الأهمية والتأثير المتوقع
إن تبني التكنولوجيا الرقمية كركيزة أساسية لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة له تداعيات إيجابية واسعة النطاق:
- تحسين جودة الحياة: يساهم في تسهيل الوصول إلى التعليم والصحة والترفيه والخدمات الحكومية، مما يعزز الاستقلالية والاندماج المجتمعي.
- تعزيز الفرص الاقتصادية: يفتح آفاقًا جديدة للتوظيف وريادة الأعمال، ويقلل من معدلات البطالة بين هذه الفئة.
- المساواة والعدالة: يضمن أن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتخلفون عن ركب التطور الرقمي، ويعزز مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص.
- الابتكار المجتمعي: يشجع على تطوير حلول ومنتجات وخدمات مبتكرة تلبي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، ويمكن أن يكون لها تطبيقات أوسع في المجتمع.
تُعد هذه الجهود بمثابة استثمار في رأس المال البشري، حيث تسهم في بناء مجتمع أكثر شمولاً وإنتاجية، حيث يمكن لكل فرد، بغض النظر عن قدراته، أن يساهم بفعالية في التنمية الوطنية.
التطلعات المستقبلية
تتطلع وزارة التضامن الاجتماعي إلى مواصلة البناء على هذه المباحثات لترجمة الأفكار إلى مبادرات ملموسة. يشمل ذلك وضع خطط عمل تفصيلية لتنفيذ التوصيات، وتوسيع نطاق البرامج التدريبية، وتعزيز الشراكات لضمان استدامة هذه الجهود. الهدف النهائي هو خلق بيئة رقمية شاملة تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة الكاملة والفعالة في جميع جوانب الحياة.





