الرئيس إردوغان يبرم اتفاقاً كبيراً مع رئيس الوزراء البريطاني ستارمر لشراء 20 مقاتلة يوروفايتر
في خطوة تعزز التعاون الدفاعي والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وقع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في وقت سابق هذا الأسبوع، اتفاقية ضخمة مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لشراء 20 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون. جرى التوقيع في العاصمة التركية أنقرة، خلال استقبال إردوغان لستارمر، حيث أشاد الرئيس التركي بالاتفاقية، واصفاً إياها بأنها "رمز جديد" للروابط القوية بين أنقرة ولندن.

خلفية الاتفاق وأهميته الاستراتيجية
تأتي هذه الصفقة في سياق سعي تركيا المستمر لتعزيز قدراتها الدفاعية الجوية وتحديث أسطولها من المقاتلات. لطالما كانت أنقرة تسعى لتنويع مصادرها العسكرية، خاصة بعد التحديات التي واجهتها في الحصول على مقاتلات F-35 الأمريكية، ومن ثم العراقيل المتعلقة بتحديث وشراء مقاتلات F-16 من الولايات المتحدة. هذه الصفقة مع المملكة المتحدة، أحد الأعضاء الرئيسيين في كونسورتيوم يوروفايتر، تمثل تحولاً مهماً نحو تعزيز الاستقلالية الدفاعية لتركيا وتعميق الشراكات مع الدول الأوروبية.
تُعد طائرة اليوروفايتر تايفون من أبرز المقاتلات متعددة المهام في العالم، وتتميز بقدرتها على التفوق الجوي والقيام بمهام الهجوم الأرضي بدقة عالية. امتلاك هذه الطائرات سيعزز بشكل كبير القوة الجوية التركية، التي تعد ركيزة أساسية لأمن البلاد ودورها الإقليمي كعضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
تفاصيل الصفقة وتأثيرها على العلاقات الثنائية
لم يتم الكشف عن كامل التفاصيل المالية للصفقة بعد، ولكن حجمها يشي بأنها من العقود الدفاعية الكبرى. الاتفاق على شراء 20 مقاتلة يوروفايتر تايفون يعكس مستوى الثقة المتنامي بين القيادتين التركية والبريطانية. أشار الرئيس إردوغان إلى أن الاتفاق يعكس "رموزاً جديدة" للعلاقات الاستراتيجية، مما يدل على أن الصفقة تتجاوز مجرد تبادل تجاري لتشمل أبعاداً سياسية ودفاعية أعمق.
لطالما كانت المملكة المتحدة وتركيا شريكين رئيسيين في مجالات متعددة، بما في ذلك التجارة والدفاع والأمن. هذه الصفقة قد تفتح الباب أمام تعاون أوسع في الصناعات الدفاعية، بما في ذلك إمكانية نقل التكنولوجيا والمشاركة في الإنتاج المستقبلي، وهو ما تسعى إليه تركيا بشدة لتطوير صناعتها المحلية.
من المتوقع أن تسهم هذه الصفقة في توطيد العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة ولندن، خصوصاً في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة في أوروبا والشرق الأوسط. يمكن أن تكون بمثابة منصة لتعزيز التنسيق في قضايا الأمن الإقليمي والدولي، وتوفير استقرار أكبر في حلف الناتو.
التداعيات الإقليمية والدولية للصفقة
إن إقدام تركيا على شراء مقاتلات يوروفايتر يحمل دلالات هامة على الصعيد الإقليمي والدولي. فبعد سنوات من الاعتماد شبه الكلي على التكنولوجيا الأمريكية في مجال الطيران العسكري، يمثل هذا التوجه نحو مصادر أوروبية تنويعاً استراتيجياً. قد يرسل هذا الاتفاق رسالة إلى حلفاء تركيا وخصومها على حد سواء، مفادها أن أنقرة عازمة على حماية مصالحها وتطوير قدراتها الدفاعية بأي ثمن.
بالنسبة للمملكة المتحدة، تمثل هذه الصفقة دفعة قوية لصناعتها الدفاعية، خاصة في قطاع الطيران، وتعزز مكانتها كمورد رئيسي للأسلحة المتطورة. كما أنها تؤكد على استمرارية الدور البريطاني في الشراكات الدفاعية العالمية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وتبرز قدرتها على إقامة تحالفات استراتيجية مستقلة.
قد يثير هذا الاتفاق أيضاً بعض التساؤلات أو ردود الفعل من قبل أعضاء كونسورتيوم يوروفايتر الآخرين، مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، التي كان لها مواقف متباينة في السابق بشأن بيع الأسلحة لتركيا. ومع ذلك، فإن قيادة المملكة المتحدة في هذه الصفقة تشير إلى وجود توافق محتمل أو مسار واضح للمضي قدماً.
في الختام، يمثل توقيع عقد شراء مقاتلات اليوروفايتر بين تركيا والمملكة المتحدة حدثاً بارزاً يعكس طموحات تركيا الدفاعية، ويعزز من علاقاتها الاستراتيجية مع لندن، ويحدد مساراً جديداً لسياسات المشتريات العسكرية لأنقرة في المستقبل المنظور.





