أردوغان وستارمر يبحثان صفقة مقاتلات "يوروفايتر" في أنقرة
في خطوة دبلوماسية بارزة، من المقرر أن يستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في العاصمة التركية أنقرة يوم الاثنين. وتأتي هذه الزيارة في وقت حاسم، حيث تتصدر المباحثات صفقة طال انتظارها لتزويد تركيا بـ 40 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، بالإضافة إلى مناقشة مجموعة واسعة من القضايا الاستراتيجية التي تهم البلدين.

خلفية الصفقة وأهميتها لتركيا
تسعى تركيا منذ فترة إلى تحديث أسطولها الجوي، الذي يعتمد بشكل كبير على مقاتلات "إف-16" الأمريكية القديمة. وتزايدت هذه الحاجة بشكل ملح بعد استبعاد أنقرة من برنامج إنتاج وتملك مقاتلات "إف-35" الشبحية الأمريكية، كعقوبة على شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400". وفي هذا السياق، برزت طائرات "يوروفايتر تايفون" كبديل أوروبي متقدم لسد هذه الفجوة الدفاعية، ريثما يصبح مشروع المقاتلة التركية الوطنية من الجيل الخامس "قآن" (KAAN) جاهزًا للعمليات.
تمثل الصفقة، التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، أهمية استراتيجية بالغة لأنقرة، ليس فقط لتعزيز قدراتها الجوية، بل أيضًا لتأكيد دورها كشريك دفاعي رئيسي ضمن حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتتطلع تركيا للحصول على أحدث نسخة من هذه المقاتلات لضمان تفوقها الجوي في منطقة مليئة بالتحديات الجيوسياسية.
العقبات السياسية وموقف الشركاء الأوروبيين
واجهت الصفقة عقبات كبيرة، أبرزها معارضة ألمانيا، التي تعد شريكًا أساسيًا في كونسورتيوم "يوروفايتر" الذي يضم أيضًا بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا. ويتطلب بيع الطائرات إلى دول خارج الكونسورتيوم موافقة جميع الدول الأعضاء. وقد استند الموقف الألماني المعارض في السابق إلى توترات سياسية مع أنقرة تتعلق بقضايا حقوق الإنسان والسياسة الخارجية التركية، وخاصة المماطلة في المصادقة على انضمام السويد إلى حلف الناتو.
في المقابل، كانت بريطانيا من أشد الداعمين للصفقة، حيث ترى في تركيا حليفًا استراتيجيًا لا غنى عنه في الجناح الجنوبي لحلف الناتو. وعمل المسؤولون البريطانيون خلف الكواليس لإقناع برلين بتغيير موقفها، مؤكدين على أهمية تلبية الاحتياجات الدفاعية المشروعة لتركيا.
تطورات حديثة ومؤشرات على انفراج الأزمة
شهدت الفترة الأخيرة تطورات إيجابية قد تمهد الطريق لإتمام الصفقة. كان أبرز هذه التطورات هو مصادقة البرلمان التركي النهائية على عضوية السويد في الناتو، وهو ما أزال أحد أبرز الهواجس لدى الشركاء الغربيين، بما في ذلك ألمانيا. ويُنظر إلى اجتماع أردوغان وستارمر على أنه فرصة للبناء على هذا الزخم الإيجابي والضغط من أجل الحصول على الموافقة النهائية.
بالتزامن مع ذلك، أحرزت تركيا تقدمًا في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لشراء وتحديث طائرات "إف-16"، مما يمنح أنقرة خيارات متعددة ويعزز موقفها التفاوضي. ومع ذلك، تظل صفقة "يوروفايتر" أولوية نظرًا لقدراتها التكنولوجية المتقدمة.
أبعاد أوسع للمباحثات الثنائية
لن تقتصر المحادثات بين الزعيمين على صفقة المقاتلات فحسب، بل ستشمل ملفات أخرى ذات اهتمام مشترك، من بينها:
- التعاون الاقتصادي: سبل تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
- الأمن الإقليمي: مناقشة التطورات في مناطق النزاع، مثل الحرب في أوكرانيا والوضع في غزة، وتنسيق المواقف بشأنهما.
- مكافحة الإرهاب: تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي لمواجهة التهديدات المشتركة.
- إدارة الهجرة: بحث سبل التعاون في ملف الهجرة غير الشرعية الذي يؤثر على البلدين.
باختصار، يمثل هذا اللقاء رفيع المستوى تأكيدًا على عمق الشراكة الاستراتيجية بين تركيا والمملكة المتحدة، وسيكون نجاحه في حسم ملف مقاتلات "يوروفايتر" مؤشرًا قويًا على مستقبل التعاون الدفاعي بين أنقرة وحلفائها الغربيين.





