السفيرة الأمريكية في مصر تحتفل بعيد الشكر بتحضير الديك الرومي
في أواخر شهر نوفمبر الماضي، لفتت السفيرة الأمريكية لدى القاهرة، هيرو مصطفى جارج، الأنظار بمشاركتها الشخصية في الاحتفال بعيد الشكر، أحد أبرز الأعياد الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث ظهرت السفيرة وهي منهمكة في تحضير الديك الرومي، الطبق الرئيسي الذي لا غنى عنه في مائدة هذا العيد، وذلك ضمن فعاليات الاحتفال التي أقيمت على الأرجح في مقر إقامتها بالقاهرة.

تُعد هذه المبادرة من السفيرة جارج جزءًا من الدبلوماسية الثقافية التي تهدف إلى تعزيز التفاهم المشترك وتبادل التقاليد بين الشعوب. فعبر مشاركتها في طهي الديك الرومي، لم تقدم السفيرة مجرد وجبة، بل قدمت لمحة عن جوهر عيد الشكر وقيمه الأصيلة المتمثلة في الامتنان والاحتفاء بالوحدة الأسرية والمجتمعية.
خلفية عن عيد الشكر وأهميته الثقافية
يمثل عيد الشكر مناسبة تاريخية وثقافية عميقة الجذور في النسيج الاجتماعي الأمريكي. يعود تاريخ هذا العيد إلى القرن السابع عشر، وتحديدًا عام 1621، عندما احتفل المستعمرون الأوروبيون (البيوريتانيون) المعروفون باسم «الآباء الحجاج» مع قبيلة وامبانواغ من السكان الأصليين بموسم حصاد وفير في مستعمرة بليموث. كان ذلك الاحتفال الأول بمثابة رمز للتعاون والامتنان للمحاصيل التي ضمنت بقاء المستعمرة.
على مر القرون، تطور عيد الشكر ليصبح عطلة وطنية رسمية في الولايات المتحدة، وقد أعلن عنه الرئيس أبراهام لينكولن في عام 1863 خلال الحرب الأهلية، داعيًا الأمة للاحتفال به في الخميس الأخير من شهر نوفمبر. منذ ذلك الحين، تحول العيد إلى مناسبة سنوية يلتئم فيها أفراد العائلة والأصدقاء للتعبير عن الشكر على النعم التي حظوا بها، ولتناول وليمة تقليدية غنية تضم الديك الرومي المحشو، وصلصة التوت البري، والبطاطس المهروسة، وفطيرة اليقطين. إنه وقت للتوقف والتفكير في الإيجابيات، وتعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية.
دور السفيرة جارج في تعزيز التبادل الثقافي
تُعرف السفيرة هيرو مصطفى جارج، وهي أول سفيرة أمريكية من أصول كردية في مصر، بجهودها الدؤوبة في تعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر على كافة الأصعدة، بما في ذلك الجانب الثقافي. فالدبلوماسية الحديثة تتجاوز حدود المفاوضات السياسية والاقتصادية لتشمل الجسور الثقافية التي تبني التفاهم والثقة بين الدول. وتأتي مشاركة السفيرة في طقوس عيد الشكر التقليدية لتجسد هذا النهج.
إن إظهار السفيرة جارج وهي تشارك في تحضير طبق تقليدي مثل الديك الرومي، يضفي طابعًا إنسانيًا على العمل الدبلوماسي، ويسمح للجمهور في الدولة المضيفة بالتعرف على جوانب من الحياة والثقافة الأمريكية بطريقة مباشرة ومحببة. هذا النوع من المشاركة يعكس رغبة في الانفتاح والتواصل، ويساهم في كسر الحواجز الثقافية، ويشجع على الحوار المتبادل. كما يمكن أن يُلهم ذلك الأفراد في البلد المضيف للتعرف على المزيد حول العادات والتقاليد الأمريكية، ويشجع على مبادرات مماثلة من الجانب المصري لتعريف الثقافة المصرية في الولايات المتحدة.
تأثير المبادرات الدبلوماسية الثقافية
لمثل هذه المبادرات الدبلوماسية الثقافية آثار إيجابية متعددة الأوجه:
- بناء الجسور الثقافية: تُسهم في خلق فهم أعمق وتقدير متبادل للثقافات المختلفة.
- تعزيز العلاقات الثنائية: عندما يرى المواطنون أن دبلوماسياً رفيع المستوى يشارك في تقاليد بلاده أو يشارك في تقاليد البلد المضيف، فإن ذلك يبني شعورًا بالود والاحترام المتبادل.
- إضفاء الطابع الإنساني على الدبلوماسية: تُظهر هذه الأفعال أن الدبلوماسيين ليسوا مجرد شخصيات رسمية، بل أفراد يشاركون في تقاليدهم ويعبرون عن قيمهم الشخصية والوطنية.
- دعم السياحة والتبادل: يمكن أن تُسهم في زيادة الاهتمام بالثقافة الأمريكية وتشجيع التبادل التعليمي والسياحي.
في الختام، تُعد مشاركة السفيرة الأمريكية في تحضير الديك الرومي والاحتفال بعيد الشكر في مصر نموذجًا حيًا لكيفية أن تُسهم الدبلوماسية الثقافية في بناء جسور التفاهم والتقدير المتبادل بين الدول، مؤكدة على أن الطعام والتقاليد يمكن أن يكونا لغة عالمية للتقارب والتعاون.





