ترامب يمازح سفيرة السعودية حول 'ثروة المملكة' وسعر الديك الرومي
في لقطة تعكس أسلوبه الدبلوماسي المميز وغير التقليدي، أدلى الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بتعليق طريف ومباشر لسفيرة المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، الأميرة ريما بنت بندر آل سعود. جرى هذا التفاعل في أوائل نوفمبر من عام 2019، أثناء مشاركة ترامب في منتدى لقادة الأعمال بمدينة ميامي، فلوريدا. خلال المنتدى، رحب ترامب بالأميرة ريما ووجه إليها مزحة أثارت اهتمام الحضور، وذلك بخصوص "سعر الديك الرومي" و"الثروة الهائلة" التي تتمتع بها المملكة.

السياق والحدث التفصيلي
المنتدى الاقتصادي الذي استضافه ترامب في ميامي كان مخصصًا لتعزيز التجارة والاستثمار في ولاية فلوريدا، وشهد حضور شخصيات بارزة من عالم الأعمال والسياسة. كان وجود الأميرة ريما بنت بندر ضمن الحضور ذا أهمية خاصة، كونها أول امرأة تتولى منصب سفيرة للمملكة في واشنطن، وقد باشرت مهامها الدبلوماسية في يوليو من نفس العام (2019). كان الهدف الأساسي لتعيينها هو تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في فترة حساسة.
في سياق حديثه حول الاقتصاد الأمريكي ومناسبة عيد الشكر الوشيكة، وهو أحد أهم الأعياد الأمريكية التي يرتبط فيها استهلاك الديك الرومي بشكل وثيق، التفت ترامب نحو الأميرة ريما. في لحظة خفيفة الظل، قال لها: "لا تقلقي بشأن سعر الديك الرومي، فلديهم ثروة طائلة في المملكة العربية السعودية، يمكنهم شراء الكثير والكثير من الديوك الرومية". هذا التعليق، الذي قوبل بابتسامات وضحكات من بعض الحاضرين، كان بمثابة إشارة مباشرة إلى الثراء النفطي للمملكة ومكانتها الاقتصادية البارزة على الساحة العالمية.
الأبعاد الدبلوماسية والاقتصادية للتعليق
يمكن تحليل تعليق ترامب من عدة زوايا تعكس جوهر شخصيته السياسية والدبلوماسية. أولاً، يبرز التعليق أسلوب ترامب الشخصي والمباشر في التواصل، والذي غالباً ما يتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية التقليدية. لقد اشتهر ترامب بقدرته على إلقاء الملاحظات العفوية والمزاح حتى في اللقاءات الرسمية، ما كان يثير غالباً ردود فعل متباينة، ولكنه في الوقت نفسه كان جزءاً لا يتجزأ من هويته الإعلامية والسياسية.
ثانياً، يؤكد التعليق بشكل ضمني على العلاقة الاقتصادية العميقة والقوية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. لطالما كانت المملكة شريكاً تجارياً واستراتيجياً حيوياً لواشنطن، خاصة في مجال الطاقة، كما تعد مستثمراً رئيسياً في الاقتصاد الأمريكي. كانت إدارة ترامب تولي اهتماماً خاصاً لهذه الروابط الاقتصادية، معتبرة إياها دعامة أساسية للمصالح الأمريكية في المنطقة. الإشارة إلى "الثروة الطائلة" كانت اعترافاً علنياً بهذه القوة المالية، ربما بهدف تعزيز روح الشراكة في بيئة غير رسمية. على الرغم من طبيعته الطريفة، إلا أن التعليق لم يُفسر على نطاق واسع كحادث دبلوماسي خطير، بل كجزء من أسلوب ترامب المعروف الذي يمزج الجد بالهزل.
خلفية العلاقات الأمريكية السعودية خلال فترة ترامب
شهدت العلاقات بين واشنطن والرياض خلال فترة رئاسة دونالد ترامب ديناميكية فريدة، اتسمت بمزيج من الدعم القوي لجانب وتحديات معقدة لجانب آخر. فمنذ بدء ولايته، سعى ترامب إلى تعزيز التحالف الاستراتيجي مع المملكة، وركز على محاور مثل مكافحة الإرهاب، استقرار أسواق النفط العالمية، وعقود مبيعات الأسلحة الضخمة التي كانت تعود بفوائد اقتصادية كبيرة على الولايات المتحدة. كانت إدارته ترى في المملكة شريكاً لا غنى عنه في استراتيجيتها الإقليمية لمواجهة نفوذ إيران.
ومع ذلك، لم تكن العلاقات خالية من التوترات. فقد تعرضت هذه الشراكة لتدقيق مكثف من الكونغرس ووسائل الإعلام بسبب سجل المملكة في حقوق الإنسان، ودورها في الحرب في اليمن، والأبرز قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018. على الرغم من هذه الضغوط والانتقادات، استمرت إدارة ترامب في الدفاع عن أهمية العلاقة مع الرياض، مؤكدة على المصالح المشتركة طويلة الأمد والأمن الإقليمي. يأتي تعليق ترامب الطريف ليسلط الضوء على هذه العلاقة المعقدة، حيث كانت الإدارة تسعى للحفاظ على التقارب حتى في ظل التحديات، مع لمسة شخصية تعكس وجهة نظر ترامب للدبلوماسية.
الأثر العام والانطباعات
في الختام، يُعد تعليق الرئيس ترامب لسفيرة السعودية لحظة دبلوماسية مميزة، تبرز ليس فقط أسلوب ترامب الفريد في القيادة والتواصل، بل أيضاً مدى تعقيد ومرونة العلاقات الدولية. لقد أظهرت كيف يمكن للفكاهة، حتى لو كانت مباشرة وغير تقليدية، أن تجد طريقها إلى الأطر الرسمية، وفي نفس الوقت ترسل رسالة ضمنية حول القوة الاقتصادية والدور الاستراتيجي للدول الشريكة. لم يؤد هذا التعليق إلى أي تداعيات سلبية خطيرة على العلاقات الثنائية، بل تم تداوله على نطاق واسع كخبر خفيف يعكس جوانب من شخصية ترامب الدبلوماسية والسياسية، ويقدم لمحة عن تعاملاته مع القادة الأجانب.





