السعودية تدشن منصة رقمية لتعزيز التواصل الدولي في ملتقى الحكومة الرقمية
أعلنت المملكة العربية السعودية عن إطلاق منصة رقمية مبتكرة مخصصة للتواصل الدولي، وذلك خلال فعاليات ملتقى الحكومة الرقمية. جاء هذا الإعلان الهام في يوم الخميس الموافق 6 نوفمبر 2025، على لسان الدكتور عبدالله بن أحمد المغلوث، مساعد وزير الإعلام، نيابةً عن وزير الإعلام. تهدف هذه المنصة، التي طورتها وزارة الإعلام بالتعاون مع هيئة الحكومة الرقمية، إلى إنشاء بوابة رقمية شاملة تُعنى بتعزيز وتسهيل التواصل الفعال بين المملكة والعالم الخارجي، مما يعكس التزام السعودية بتعزيز مكانتها كشريك دولي شفاف ومنفتح.

تعد هذه المبادرة خطوة استراتيجية ضمن مسيرة التحول الرقمي الشامل التي تشهدها المملكة، وتأتي متوافقة تمامًا مع أهداف رؤية السعودية 2030 التي تركز على بناء اقتصاد رقمي ومجتمع معرفي متقدم، وتعزيز الحضور السعودي على الساحة الدولية. لطالما كانت الحاجة ملحة لوجود قناة موحدة وموثوقة لتقديم المعلومات الرسمية والموثوقة للجمهور الدولي، ووسائل الإعلام العالمية، والمؤسسات الحكومية، والمنظمات الدولية.
السياق والخلفية الاستراتيجية
تدرك المملكة العربية السعودية أهمية بناء صورة إيجابية ومواكبة التطورات العالمية المتسارعة في مجال الاتصال. في ظل عصر المعلومات الرقمية الذي يتسم بانتشار الأخبار بسرعة فائقة، سواء كانت دقيقة أو غير دقيقة، بات لزامًا على الدول تبني استراتيجيات تواصل استباقية وفعالة. تبرز المنصة الرقمية للتواصل الدولي كأداة حيوية لتحقيق هذا الهدف، حيث تتيوفير مصدر موحد للمعلومات الموثوقة، وتسهيل عملية وصول الصحفيين والباحثين وصناع القرار في الخارج إلى البيانات والحقائق المتعلقة بالمملكة.
يمثل إطلاق هذه المنصة امتدادًا لجهود الحكومة الرقمية المستمرة في السعودية، والتي تهدف إلى رقمنة الخدمات الحكومية وتحسين كفاءتها وفعاليتها. كما تسعى المملكة من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز دبلوماسيتها الرقمية، وتمكين الحوار الحضاري، وتصحيح أي مفاهيم خاطئة قد تنتشر عبر القنوات التقليدية أو غير الرسمية. تعكس هذه المبادرة رؤية واضحة نحو بناء جسور من الفهم المشترك والثقة مع المجتمع الدولي.
الأهداف والمميزات الرئيسية للمنصة
صُممت المنصة الرقمية للتواصل الدولي لتكون أكثر من مجرد موقع إخباري، بل هي منظومة متكاملة تخدم أهدافًا استراتيجية متعددة. تشمل الأهداف والميزات الرئيسية ما يلي:
- مركزية المعلومات: توحيد وتجميع كافة البيانات والبيانات الصحفية والبيانات الرسمية والمواد الإعلامية ذات الصلة بالمملكة في مكان واحد، مما يضمن الاتساق والدقة.
- دعم متعدد اللغات: توفير المحتوى بلغات عالمية رئيسية لضمان وصول رسالة المملكة إلى أوسع شريحة ممكنة من الجمهور العالمي.
- المحتوى الغني والمتنوع: عرض مجموعة واسعة من المحتوى بما في ذلك النصوص، والصور عالية الجودة، ومقاطع الفيديو، والرسوم البيانية التوضيحية التي تسلط الضوء على الإنجازات والمبادرات السعودية في مختلف القطاعات.
- أدوات تواصل إعلامية: توفير موارد خاصة للإعلاميين، مثل غرف الأخبار الافتراضية، وبيانات الاتصال بالمسؤولين، وجداول الفعاليات، لتسهيل عملهم وتغطيتهم للأخبار السعودية.
- تحليل البيانات والتفاعل: القدرة على تتبع وتحليل تفاعل الجمهور مع المحتوى، مما يمكن من تحسين استراتيجيات التواصل المستقبلية، وقد تتضمن أدوات للتفاعل المباشر أو استطلاعات الرأي.
- إدارة الأزمات والتواصل الاستباقي: تمكين المملكة من الاستجابة السريعة والفعالة للتحديات والأزمات من خلال توفير معلومات دقيقة ومحدثة، والقدرة على دحض المعلومات المغلوطة بشكل فوري.
- تسليط الضوء على الإنجازات: عرض قصص النجاح والمشاريع التنموية الكبرى التي تحدث في المملكة، مثل مشاريع نيوم والبحر الأحمر وغيرها، لجذب الاستثمارات وتعزيز السياحة.
تؤكد هذه الميزات على التزام المنصة بتقديم تجربة شاملة وغنية للمستخدمين، وتجسد رؤية المملكة في تبني أحدث التقنيات لتعزيز دبلوماسيتها العامة.
الشراكة والتنفيذ
جاءت هذه المنصة تتويجًا لشراكة استراتيجية بين جهتين حكوميتين محوريتين: وزارة الإعلام وهيئة الحكومة الرقمية. تتولى وزارة الإعلام مسؤولية تحديد الأجندة الإعلامية، وإنتاج المحتوى، وصياغة الرسائل الرئيسية التي تعكس سياسات وأولويات المملكة. في المقابل، لعبت هيئة الحكومة الرقمية دورًا حيويًا في الجانب التقني، حيث أشرفت على تطوير البنية التحتية الرقمية للمنصة، وضمان أمنها، وكفاءتها التشغيلية، ومواكبتها لأفضل المعايير العالمية في الحلول الرقمية.
إن اختيار ملتقى الحكومة الرقمية ليكون مسرحًا لهذا الإعلان لم يكن محض صدفة، بل يعكس الأهمية التي توليها المملكة للتحول الرقمي كركيزة أساسية لتطوير كافة القطاعات الحكومية. يوفر الملتقى منصة مثالية لتسليط الضوء على الإنجازات الرقمية الوطنية، وتبادل الخبرات مع الخبراء والمسؤولين من داخل وخارج المملكة، مما يؤكد على مكانة هذه المنصة الجديدة كجزء لا يتجزأ من منظومة الحكومة الرقمية السعودية.
الأهمية والتأثير المتوقع
يتوقع أن يكون للمنصة الرقمية للتواصل الدولي تأثيرات إيجابية بعيدة المدى على المملكة العربية السعودية على عدة مستويات. فمن شأنها أن تعزز من مصداقية المملكة كمصدر للمعلومات، وتحسن من فهم المجتمع الدولي لسياساتها وإنجازاتها. كما ستسهم في تقوية العلاقات الدبلوماسية والثقافية والاقتصادية مع دول العالم، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون والشراكة.
على الصعيد الاقتصادي، يمكن للمنصة أن تكون أداة فعالة لجذب الاستثمارات الأجنبية والسياحة من خلال عرض الفرص والمقومات التي تتمتع بها المملكة. كما أنها ستمكن المملكة من الدفاع عن مصالحها الوطنية بشكل أكثر فعالية في المحافل الدولية، وتشكيل السردية الخاصة بها بدلاً من الاعتماد على مصادر خارجية قد لا تكون دقيقة أو حيادية. يمثل هذا الإطلاق تأكيدًا على سعي السعودية الدؤوب لتبوؤ مكانة رائدة في المشهد الرقمي العالمي، وتعزيز حضورها الفعال في صياغة الحوارات الدولية.





