الطب الشرعي يحسم الجدل: «قاتل المنشار» بكامل قواه العقلية
في تطور حاسم ضمن واحدة من أكثر القضايا الجنائية وحشية وإثارة للجدل في مصر، والمعروفة إعلاميًا بـ "جريمة الإسماعيلية" أو "قاتل المنشار"، أصدرت مصلحة الطب الشرعي تقريرها النهائي ليؤكد أن المتهم الرئيسي، يوسف عبد السلام، يتمتع بكامل قواه العقلية والنفسية. جاء هذا التقرير ليضع حدًا لتكهنات واسعة دارت حول الحالة العقلية للجاني، وليمهد الطريق نحو مسار قضائي حاسم في هذه القضية التي هزت الرأي العام وأثارت موجة غضب عارمة.

خلفية الجريمة الصادمة
تعود تفاصيل القضية إلى يوم 6 ديسمبر 2021، عندما اهتزت محافظة الإسماعيلية على وقع جريمة بشعة لا سابق لها. أقدم الشاب يوسف عبد السلام على قتل زميله، المجني عليه أحمد، في وضح النهار بوسط شارع طنطا التجاري المزدحم، ثم قام بتمثيل الجريمة بدم بارد، حيث قام بقطع رأس الضحية وفصلها عن جسده باستخدام "منشار"، والتجول بها أمام المارة في مشهد مرعب وثقته عدسات المراقبة والهواتف المحمولة. لم تقتصر الجريمة على القتل المروع، بل تعدتها إلى التمثيل بالجثة، مما أثار صدمة مجتمعية عميقة ودفع بالعديد للمطالبة بأقصى العقوبات.
تفاصيل التقرير الطبي الشرعي
منذ اللحظات الأولى لاعتقال المتهم، أثيرت تساؤلات حول حالته العقلية والنفسية، خاصة بعد أن أظهر سلوكًا غير مبالٍ أثناء ارتكاب الجريمة وبعدها. دفعت هذه التساؤلات النيابة العامة إلى طلب تقييم شامل من مصلحة الطب الشرعي والمستشفى المتخصصة لتحديد مدى سلامة قواه العقلية وقت ارتكاب الجرم. مؤخرًا، صدر التقرير المنتظر ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المتهم كان في كامل وعيه وإدراكه لأفعاله.
- التأكيد على الأهلية الجنائية: نص التقرير بوضوح على أن يوسف عبد السلام لا يعاني من أي أمراض نفسية أو عقلية قد تؤثر على إدراكه أو قدرته على التمييز بين الصواب والخطأ، مما يجعله مسؤولاً جنائيًا عن أفعاله بالكامل.
- فحص شامل: خضع المتهم لسلسلة من الفحوصات الطبية والنفسية المكثفة على مدار فترة زمنية، شملت تقييمات سلوكية ونفسية دقيقة، بالإضافة إلى مراجعة تاريخه الصحي.
- دحض ادعاءات الدفاع: يأتي هذا التقرير ليدحض أي محاولات للدفاع قد تستند إلى ضعف القوى العقلية للمتهم كوسيلة لتخفيف العقوبة أو تبرير الجريمة.
الآثار القانونية والتداعيات
يعد تقرير الطب الشرعي نقطة تحول جوهرية في مسار القضية، حيث يقوي موقف النيابة العامة ويعزز الأدلة ضد المتهم. في القانون المصري، تُعد سلامة القوى العقلية شرطًا أساسيًا للمسؤولية الجنائية، وبثبوتها، يصبح المتهم عرضة لأشد العقوبات المنصوص عليها قانونًا، والتي قد تصل إلى الإعدام في قضايا القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والتمثيل بالجثة. من المتوقع أن يتم تحديد موعد النطق بالحكم النهائي قريبًا بعد استيفاء جميع الإجراءات القانونية، بما في ذلك أخذ رأي فضيلة المفتي في حالات الإعدام.
ردود الأفعال المجتمعية والإعلامية
لقي التقرير ترحيبًا واسعًا من الرأي العام الذي كان يتابع القضية باهتمام بالغ. اعتبر الكثيرون أن التقرير يؤكد على أهمية تطبيق العدالة الناجزة، ويطمئن المجتمع بأن الجناة، حتى أولئك الذين يرتكبون جرائم بالغة الوحشية، لن يتمكنوا من الإفلات من العقاب تحت دعاوى الصحة العقلية إذا ما ثبتت مسؤوليتهم الجنائية. وقد ساهمت التغطية الإعلامية المكثفة في إبقاء القضية في دائرة الضوء، مع التأكيد على ضرورة تحقيق العدالة لضحية "جريمة الإسماعيلية" وأسرته.
يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو إنهاء واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها مصر مؤخرًا، ويؤكد على قوة الجهاز القضائي والطب الشرعي في حسم الجدل وتقديم الحقائق، مما يعزز الثقة في منظومة العدالة الجنائية.





