شهدت مدينة القدس، يوم الخميس الماضي، انعقاد منتدىً رقمي بارز تم تنظيمه بهدف دعم وتطوير منظومتي الابتكار وريادة الأعمال داخل المدينة. أقيم هذا الحدث الهام في فندق نوتردام بالقدس، وجاء بدعم أساسي من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، ما يؤكد على أهمية التعاون الدولي في دفع عجلة التنمية المحلية. وقد استقطب المنتدى حضوراً واسعاً ومتنوعاً، حيث جمع أكثر من عشرين شركة ناشئة وحاضنة أعمال، إلى جانب خمسة وعشرين خبيراً متخصصاً في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال. كما شارك في فعالياته ما يزيد عن مائتين وخمسين فرداً، شملوا ممثلين عن مؤسسات أكاديمية واجتماعية، وطلاب جامعيين، وشباب مقدسيين طامحين، مما يعكس الشغف المحلي بالتحول الرقمي والنمو الاقتصادي.

خلفية المنتدى وأهميته
تتمتع القدس بوضع فريد يجمع بين الثراء الثقافي والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما في القدس الشرقية. تعاني المدينة من معدلات بطالة مرتفعة بين الشباب ومحدودية في فرص العمل التقليدية، مما يجعل البحث عن مسارات جديدة للتنمية الاقتصادية أمراً حيوياً. في هذا السياق، تبرز أهمية الاقتصاد الرقمي والابتكار كقاطرة محتملة للنمو، حيث يوفران فرصاً لتجاوز القيود الجغرافية والسياسية ويعززان المرونة الاقتصادية. إن تطوير الكفاءات الرقمية ودعم المشاريع الناشئة يمثلان استثماراً في مستقبل المدينة، يمكّن الشباب من خلق فرص عمل لأنفسهم ولغيرهم، ويساهم في تنويع الاقتصاد المحلي.
يأتي دعم الوكالة الألمانية للتعاون الدولي لمثل هذه المبادرات ليؤكد على الدور الحيوي للتعاون الدولي في بناء القدرات ونقل المعرفة، خصوصاً في المناطق التي تحتاج إلى تعزيز بنيتها التحتية الابتكارية. تهدف هذه الشراكات إلى تحفيز التنمية المستدامة من خلال توفير الأدوات والموارد اللازمة لتمكين المجتمعات المحلية من استغلال إمكاناتها الكاملة في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
أهداف المنتدى وفعالياته الرئيسية
تم تصميم المنتدى لتحقيق عدة أهداف استراتيجية تسعى إلى إرساء بيئة حاضنة للابتكار وريادة الأعمال في القدس. من أبرز هذه الأهداف:
- تعزيز ثقافة الابتكار: تشجيع التفكير الإبداعي وروح المبادرة بين الشباب والأكاديميين.
- توفير منصات للتواصل: خلق فرص للتفاعل بين رواد الأعمال، والمستثمرين، والخبراء، والمؤسسات الداعمة.
- ربط الشركات الناشئة بالنظام البيئي الداعم: تسهيل وصول الشركات الناشئة إلى حاضنات الأعمال، والجهات الممولة، وبرامج التوجيه.
- تسهيل الوصول إلى الإرشاد والتمويل: تقديم استشارات متخصصة ومناقشة سبل الحصول على الدعم المالي اللازم لنمو المشاريع.
وشملت فعاليات المنتدى مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تهدف إلى تحقيق هذه الأهداف، مثل ورش العمل التفاعلية حول أحدث الأدوات الرقمية، وجلسات حوارية ناقشت تحديات وفرص الاستثمار في الشركات الناشئة المحلية، بالإضافة إلى عروض تقديمية لمشاريع ريادية ناجحة من المدينة. وقد أتاحت اللقاءات الثنائية بين الشركات الناشئة والخبراء فرصة لتبادل الخبرات وبناء الشراكات، بينما ساهمت جلسات التوجيه في صقل مهارات المشاركين وتوجيههم نحو مسارات النمو الصحيحة. إن التنوع في المشاركين، من شركات وحاضنات أعمال وخبراء وشباب، أثرى النقاشات وقدم رؤى متعددة الأبعاد حول كيفية دفع عجلة الابتكار في القدس.
التأثير المتوقع وآفاق المستقبل
من المتوقع أن يكون للمنتدى تأثير إيجابي على المديين القصير والطويل. على المدى القصير، أسهم المنتدى في تبادل المعرفة، وتكوين شبكة علاقات جديدة، ورفع مستوى الوعي بمسارات ريادة الأعمال المتاحة. لقد ألهم المنتدى العديد من الشباب لتبني أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع ذات قيمة اقتصادية واجتماعية.
أما على المدى الطويل، فإن المنتدى يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز منظومة الابتكار في القدس، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام، وخلق فرص عمل جديدة. يطمح منظمو المنتدى إلى أن يصبح هذا الحدث حجر الزاوية في بناء جيل جديد من رواد الأعمال القادرين على مواجهة التحديات الاقتصادية بالحلول الرقمية المبتكرة. يتطلب تحقيق هذه الرؤية استمرارية الدعم والمتابعة من الشركاء المحليين والدوليين لضمان تحويل الزخم الناتج عن المنتدى إلى نتائج ملموسة ومشاريع مستدامة تخدم مجتمع القدس.
على الرغم من التحديات القائمة، فإن المنتدى قد سلط الضوء على الإمكانات الكبيرة لمدينة القدس كمركز للابتكار الرقمي، مؤكداً على قدرة المجتمعات على بناء مستقبل مزدهر من خلال الاستثمار في رأس المال البشري والتقني.



