تصدر اسم بانكيم برهمبهات، رجل الأعمال الهندي الأصل والمقيم في الولايات المتحدة، عناوين الأخبار مؤخرًا كشخصية محورية في إحدى أكبر فضائح الاحتيال المالي التي هزت قطاع الإقراض الخاص خلال السنوات الأخيرة. يُعرف برهمبهات بأنه المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة Bankai Group، وهي تكتل أميركي يعمل في مجالات الاتصالات والخدمات المالية الرقمية، ويضم تحت مظلته شركات متعددة منها Broadband Telecom و Bridgevoice و Carriox Capital II و BB Capital SPV. تقدم هذه الشركات خدمات الاتصالات والبنية التحتية لمؤسسات أخرى، بالإضافة إلى نشاطها في قطاع الخدمات المالية الرقمية من خلال منتجات مثل MobiFin Elite، والتي توفر حلولًا مالية رقمية في عدة دول، بخاصة في القارة الإفريقية.

بدأ برهمبهات مسيرته المهنية في عام 1989 من الهند، حيث أسس وحدة لتصنيع الهواتف التقليدية ذات الأزرار، قبل أن يوسع نطاق أعماله تدريجيًا ليشمل مشاريع في الأقمار الصناعية، وفواتير الاتصالات، وصولًا إلى الخدمات المالية الرقمية. وعلى مدار أكثر من ثلاثة عقود، قدم نفسه في مقابلات إعلامية على أنه مهندس اتصالات تحول إلى رائد أعمال يتمتع بحضور واسع ومتنوع في قطاعي الاتصالات والتمويل الرقمي.
تفاصيل عملية الاحتيال المزعومة
وفقًا لتقارير نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال ووسائل إعلام أخرى، اتُهم برهمبهات بتدبير عملية احتيال واسعة النطاق في مجال القروض، تجاوزت قيمتها 500 مليون دولار. استهدفت هذه العملية ذراع الاستثمار الائتماني الخاص لشركة بلاك روك، وهي HPS Investment Partners، بالإضافة إلى عدد من المقرضين الأميركيين الآخرين. تركز الاحتيال المزعوم على تزوير الحسابات المستحقة وفواتير العملاء بهدف الحصول على قروض ضخمة، حيث قامت شركاته بتقديم أصول وهمية كضمانات. وتشير التحقيقات إلى أنه قام بإنشاء ميزانية أصول وهمية على الورق فقط، بينما كانت الأموال تُحول فعليًا إلى حسابات خارجية في الهند وموريشيوس.
بدأت HPS في تقديم القروض لفرع تمويل تابع لشركات برهمبهات في سبتمبر 2020، ثم وسعت نطاق هذه القروض تدريجيًا. وبحلول أغسطس 2024، وصل حجم تعرضها المالي إلى نحو 430 مليون دولار. كما شارك البنك الفرنسي BNP Paribas في تمويل هذه القروض، حيث قام بتمويل نحو نصف المبلغ المقدم لشركة Carriox Capital والشركات التابعة لها، والتي تشكل جزءًا من شبكة شركات برهمبهات.
اكتشاف المخالفات وبدء التحقيقات
في يوليو 2024، لاحظ موظف في HPS أن بعض عناوين البريد الإلكتروني للعملاء التي كانت تستخدم للتحقق من الفواتير صادرة من نطاقات مزيفة تحاكي شركات اتصالات حقيقية. وعندما استفسر مسؤولو HPS من برهمبهات حول هذه الملاحظات، زعم أن الأمور “ليست مثيرة للقلق”، لكنه توقف لاحقًا عن الرد على مكالماتهم واستفساراتهم.
عقب هذا التطور، استعانت HPS بمكتب المحاماة الأميركي Quinn Emanuel وشركة المحاسبة CBIZ لإجراء تحقيق شامل. كشف هذا التحقيق عن أن جميع الفواتير والرسائل الإلكترونية التي قُدمت كدليل على الحسابات المستحقة خلال العامين الماضيين كانت مزورة. علاوة على ذلك، تم اكتشاف عقود تعود إلى عام 2018، والتي تبين أنها مزورة بالكامل. ومن الأمثلة البارزة على ذلك، كشفت شركة الاتصالات البلجيكية BICS أنها لا تمتلك أي صلة بالبريد الإلكتروني الذي استخدمته شركات برهمبهات، واعتبرت ذلك محاولة احتيال مؤكدة.
أظهرت القضية أن الاحتيال لم يقتصر على مجرد تزوير الفواتير، بل شمل تقديم بيانات مالية مزيفة على نطاق واسع بهدف خلق وهم الصحة المالية لشركاته. هذا التضليل الممنهج ساعده على الحصول على قروض بمبالغ هائلة من مؤسسات مالية عالمية كبرى.
الإجراءات القانونية وطلب الإفلاس
رفع المقرضون دعوى قضائية ضد برهمبهات وشركاته في أغسطس 2025، متهمين إياه بخلق ميزانية أصول وهمية ونقل الأصول المرهونة إلى حسابات خارجية في الهند وموريشيوس. وفي السياق ذاته، سجل بنك BNP Paribas نحو 190 مليون يورو (ما يعادل حوالي 220 مليون دولار) كخسائر محتملة للقروض المرتبطة بهذه القضية، دون أن يفصح عن اسم المقترض.
قدمت شركات برهمبهات، بما في ذلك Broadband Telecom و Bridgevoice و Carriox Capital II و BB Capital SPV، طلب حماية بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس الأميركي في أغسطس 2025، حيث بلغ إجمالي ديونها أكثر من نصف مليار دولار. كما قدم برهمبهات طلب إفلاس شخصي، ما يعكس حجم الأزمة المالية التي تواجه شركاته والمقرضين.
الوضع الراهن ومكان الإقامة المفترض
وفقًا للمصادر المطلعة على القضية، يعتقد المقرضون أن برهمبهات يقيم حاليًا في الهند. عند زيارة مكاتب شركاته في غاردن سيتي بنيويورك، وُجدت مغلقة وفارغة، وأكد الجيران والمستأجرون المجاورون أنهم لم يروا أي نشاط بالمبنى لأسابيع. وفي مقر إقامته، لوحظ وجود سيارات فاخرة متعددة، منها BMW، وبورش، وتسلا، وأودي، متوقفة في الممر، مع طرد غير مفتوح بجانب الباب الأمامي. يشير هذا إلى استمراره في امتلاك أصول مادية على الرغم من إفلاسه المالي.
تداعيات القضية وأهميتها
تُمثل قضية بانكيم برهمبهات تحذيرًا صارخًا بشأن مخاطر الاحتيال المالي واسع النطاق في الأسواق الدولية. فقد كشفت كيف يمكن لرائد أعمال أن يستغل شبكة شركات متعددة لتقديم أصول وهمية كضمانات، وأن يضخم حجم القروض بشكل كبير من خلال تزوير الفواتير والحسابات. كما سلطت الضوء على ضعف آليات الرقابة الأولية على بعض القروض الكبيرة، حتى في ظل وجود عمليات تدقيق منتظمة من شركات محاسبة كبرى مثل Deloitte و CBIZ.
لقد أثرت هذه القضية بشكل مباشر على ذراع بلاك روك للاستثمار الائتماني الخاص، HPS Investment Partners، وعدد من المقرضين الأميركيين الآخرين، الذين يجدون أنفسهم الآن في صراع قانوني ومالي لاسترداد المبالغ الضائعة. وقد أثارت القضية اهتمام وسائل الإعلام الدولية، لتصبح مثالًا حيًا على التعقيدات القانونية والمالية المرتبطة بالاحتيالات العابرة للحدود، والدور الذي تلعبه البنوك العالمية في تمويل القروض الكبيرة.





